وقد رأيتم كيف اجتمع أقطاب الغش والفجور ضده. وقد رأيناه كيف تغلب في حرب الجمل وكاد يتغلب على معاوية لولا أن ضربه أشقى الأشقياء ابن ملجم، وقد رأيناه من قبل كيف قام الاسلام بسيفه ورأيه وكيف كان عضدا وساعدا لرسول الله وذابا عنه ولم نجد له نكسة طول مدة حياته زمن رسول الله سيان منها عندما كان معه في الحروب أو تلك التي سيرها وحده، منها يوم استخلفه في المدينة، ومنها يوم تركه في مكة ليؤدي دينه ويرد الأمانات ويقضي أوامره، ومنها تسييره إلى اليمن في حين قد خاب غيره، ومنها نصبه أمير لواء في خيبر، نعم وفي جميعها كان النصر معه، واما بعد وفاة رسول الله وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلمه بوقوع الفتن، وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بعدم القيام المسلح، وأمره (صلى الله عليه وآله وسلم) بالصبر والتجلد مهما جاروا عليه ومهما تجاوزوا الحد في الفتنة والجور والتعدي، وكأنهم علموا بتلك الوصية فقالوا لبعضهم: إن الرجل موصى، وإلا فمن كان يجسر على التعدي على حريمه وهو أبي الضيم فيحرق باب بيته، ويكسر ضلع عقيلته الزهراء سيدة نساء العالمين، ويسقط جنينها؟ ومن كان يستطيع ان يقوده جبرا من داره إلى أبي بكر حاسر الرأس حافي القدمين وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسوله، ويجبره على البيعة لابي بكر وهو أميره الذي بايعه هو وعمر وغيرهما وهنأوه بالخلافة من قبل؟ ومن كان يستطيع بدون دليل ان يغصب نحلة فاطمة (عليها السلام)؟
ولو لم تستمر العجلة العظيمة التي حركها رسول الله للفتح وبعث في نفوس العرب القدرة الروحية والايمان بالفتوح وما انزل الله من الآيات وبشر فيها الصابرين وهدد فيها المتخلفين والفارين، ورأى العرب بأم أعينهم الفتوح المستمرة في زمن رسول الله بما يبدونه من تضحية لما سارت تلك العجلة بتلك السرعة في الشرق والغرب ففتحوا بلاد كسرى وقيصر، واستولوا على حضاراتهم الواسعة. فما كانت نتيجتهم وماذا استفادوا وأفادوا. ونحن نعلم ان هذه البلاد المفتوحة كانت مليئة بالحضارات القديمة والعلوم والفنون والحكمة، وفيها