6 كمال الدين حيدر بن محمد بن زيد بن محمد بن عبد الله الحسيني، قرأ عليه أياما كثيرة منها يوم السبت 16 جمادى الآخرة سنة 620 ه.
كما وقد قرأ عليه وروى عنه كثير من الاعلام، نذكر منهم:
الحسن بن يوسف العلامة الحلي غياث الدين عبد الكريم آل طاووس، جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي، علي بن عيسى الأربلي، الحسن بن داود الحلي.
وهاجر رضي الدين في شبابه إلى بغداد، ويحدثنا عن سبب هذه الهجرة فيقول: ثم اتفق لوالدي قدس الله روحيهما ونور ضريحهما تزويجي... وكنت كارها لذلك... فادى ذلك إلى التوجه إلى مشهد مولانا الكاظم ع وأقمت به حتى اقتضت الاستخارة التزويج بصاحبتي زهراء خاتون بنت الوزير ناصر بن مهدي رضوان الله عليها وعليه، وأوجب ذلك طول الاستيطان ببغداد.
وعلى الرغم من عدم معرفتنا بتاريخ الهجرة فان الشئ المتيقن ان رضي الدين كان ببغداد سنة 635 ه حيث يروي ان شيخه أسعد بن عبد القاهر قد زاره في داره في شهر صفر من تلك السنة (1)، والظاهر أنه كان قد قدمها قبل ذلك بسنين، لأنه أقام ببغداد نحوا من خمس عشرة سنة ثم رجع إلى الحلة في رواية بعض المصادر (2)، وكان رجوعه هذا إلى الحلة في حدود عام 640 ه كما سيأتي.
ولقي ببغداد من ضروب الحفاوة الشئ الكثير، وكان من جملتها انعام الخليفة المستنصر عليه بدار يسكن فيها، وتقع بالجانب الشرقي عند المأمونية في الدرب المعروف بدرب الجوبة (3).
كما كان من جملتها صلاته الوثقي بفقهاء النظامية المستنصرية ومناقشاته ومحاوراته معهم.
وصلاته الوثقى أيضا بالوزير القمي وولده والوزير ابن العلقمي وأخيه وولده صاحب المخزن.
وكان له مع الخليفة المستنصر المتوفي سنة 640 ه من متانة الصلة وقوة العلاقة ما يعتبر في طليعة ما حفل به تاريخه في بغداد، وكان من أول مظاهرها انعام الخليفة عليه بدار سكناه كما مر، ثم أصبحت لرضي الدين من الدالة ما يسمح له بالسعي لدى المستنصر في تعيين الرواتب للمحتاجين وما يدفع المستنصر إلى مفاتحته في تسليم الوزارة له كما سيأتي. ولعل حب المستنصر كأبيه للعلويين وعطفه عليهم واهتمامه بشؤونهم هو السبب في هذه العلاقة الأكيدة القوية وفي تدعيمها واستمرارها طوال تلك السنين، ولنترك رضي الدين يحدثنا بقلمه عن تلك العلاقة ويروي لنا نماذج منها فيقول:
طلبني الخليفة المستنصر جزاه الله عنا خير الجزاء للفتوى، على عادة الخلفاء، فلما وصلت إلى باب الدخول... تضرعت إلى الله عز وجل وسألته أن يستودع مني ديني وكل ما وهبنيه، ويحفظ علي كل ما يقربني من مراضيه، فحضرت فأجتهد بكل جهد بلغ توصله إليه انني أدخل في فتواهم، فقواني الله جل جلاله على مخالفتهم والتهوين بنفسي.
والظاهر أن الوشاة قد حاولوا إفساد علاقته بالمستنصر بعد رفضه منصب الإفتاء حيث يقول: وجرت عقيب ذلك أهوال من السعايات، فكفاني الله جل جلاله بفضله وزادني من العنايات.
ثم عاد الخليفة ودعاني إلى نقابة جميع الطالبيين على يد الوزير القمي وعلى يد غيره من أكابر دولتهم، وبقي على مطابتي بذلك عدة سنين، فاعتذرت باعذار كثيرة، فقال الوزير القمي: ادخل واعمل فيها برضا الله، فقلت له: فلأي حال لا تعمل أنت في وزارتك برضا الله تعالى، والدولة أحوج إليك منها إلي، ثم عاد يتهددني، وما زال الله جل جلاله يقويني عليهم حتى أيدني وأسعدني.
وعاد المستنصر... وتحيل معي بكل طريق... وقيل لي: إما ان تقول ان الرضي والمرتضى كانا ظالمين أو تعذرهما فتدخل في مثل ما دخلا فيه، فقلت: ان أولئك كان زمانهم زمان بني بويه... وهم مشغولون بالخلفاء والخلفاء بهم مشغولون، فتم للرضي والمرتضى ما أرادوا من رضا الله.
ثم اختار الخليفة المستنصر جزاه الله خير الجزاء ان أكون رسولا إلى سلطان التتر، فقلت لمن خاطبني في هذه الأشياء ما معناه: ان أنا نجحت ندمت وان جنحت ندمت فقال: كيف؟ فقلت: ان نجاح سعيي يقتضي أنكم لا تعزلوني من الرسالات... وان لم ينجح الامر سقطت من عينكم سقوطا يؤدي إلى كسر حرمتي.
وكنت استأذنت الخليفة في زيارة مولانا الرضا عليه التحية والثناء بخراسان، فاذن، وتجهزت وما بقي الا التوجه إلى ذلك المكان، فقال من كان الحديث في الاذن إليه: قد رسم أنك تكون رسولا إلى بعض الملوك، فاعتذرت وقلت: هذه الرسالة ان نجحت ما يتركوني بعدها أتصرف في نفسي... وان جنحت صغر أمري وانكسرت حرمتي... ثم لو توجهت كان بعدي من الحساد من يقول لكم: انه يبايع ملك الترك ويجئ به إلى هذه البلاد وتصدقونه فقال: وما يكون العذر؟ قلت: انني استخير وإذا جاءت لا تفعل فهو يعلم انني لا أخالف الاستخارة ابدا.
فاستخرت واعتذرت.
ثم عاد الخليفة المستنصر جزاه الله خير الجزاء وكلفني الدخول في الوزارة وضمن لي أنه يبلغ بي في ذلك إلى الغاية، وكرر المراسلة والإشارة... فراجعت واعتذرت، حتى بلغ الأمر إلى أن قلت ما معناه: