رواد العلم من انحاء الجبل العاملي فقرأ فيها العلوم الأولية من منطق وبيان وأصول وأدب وبعد وفاة رئيسها ومؤسسها وفتور التدريس فيها هاجر إلى النجف وقد اشتهر هناك بذوقه السليم في اختيار المواضيع العلمية وتجنب المباحث الجدلية المعقدة المضيعة للوقت بكثرة شبهها واحتمالاتها البعيدة، لذلك اقبل عليه الطلاب وتتلمذ عليه جماعة قد أصبح بعضها ممن يشار إليهم بالبنان وقد اخذ في النجف عن الآخوند ملا كاظم والشيخ عبد الله المازندراني والشيخ محمد طه نجف والشيخ آغا رضا الهمذاني والشيخ شريعة الأصفهاني وغيرهم، ثم عاد إلى وطنه الأساتيذ فأقام في قرية جبشيت من جبل عامل وكان يألف العزلة مهما تمكن منها وكان كثير العبادة كثير الصدقات وكان على قلة ثروته مضيافا يحب الضيوف ويأنس بهم. وكان يحب الفروسية والسباق على ظهور الجياد العربية وكان عنده فرس لا تجارى في السباق، ومن أخلاقه التي كان يتميز بها: الصراحة والجهر بالحق أضف إلى ذلك اعتداله في زهده وتصوفه وجمعه بينهما وبين النظافة والأناقة في اللباس والادام مع الأنس بمجالس الأدب المحتشمة وتعاطي نظم الشعر الرقيق بأنواعه: ولقد جمع بخطه الجميل ما نظمه من أول صباه إلى أول شيخوخته في ديوان كبير وكتب كل مؤلفاته بخطه أيضا واستنسخ عدة كتب من تاليف غيره أيام كانت الطباعة قليلة في بلاد العرب. وهذه أهم مؤلفاته:
1 ديوان شعر من نظمه 2 مجموعة كبرى في مدح المرتضى علي 3 مجموعة أدعية النبي والأئمة 4 مجموعة مواعظ أهل البيت وحكمهم البالغة 5 كتاب الرحمة في الطب والحكمة 6 شرح لامية العرب للشنفري 7 رسالة في تنفيذ كتاب مباحث المجتهدين لنقولا يعقوب غبريل 8 رسالة في السفور والحجاب 9 الرد على الوهابية في تحريمهم بناء القبور 10 رسالة في المفوضة والجبرية 11 رسالة في التوحيد 12 رسالة في الأصول 13 رسالة في الفقه.
شعره قال من قصيدة غزلية:
شيمي لحاظك ربة الحجب * لا تذهبي بدمي ولا نشبي ودعي الهوى يعدو على كبدي * اني أنتمي ويدب في عصبي كم ليلة بتنا وترمقنا * عين الأقاح وأعين الشهب والليل كالفرعين منسدل * والنجم كالقرطين في وجب في روضة ضحك النوار بها * وكبت عليها أعين السحب وجرى النسيم على مفارقها * فتارجت بالمندل الرطب وتهدلت أغصانها وشدت * أطيارها بالبشر والطرب وسعى النديم بأكؤس مزجت * فكانهن سبائك الذهب أو انها من ثغره سكبت * لكن تسمى بابنة العنب أو ان خدك سال من خجل * من قبلة فطغى على الحبب سحر القلوب بلحظه أ ترى * هو ساحر أو آية لنبي فاعجب لوجنته وقد ملكت * ماء الحياة يموج في لهب وبكفه وبثغره اجتمعا * سكران من حبب ومن ضرب يعطيك من يده أبا لهب * ويصد عنك ببارد الشنب وقال من قصيدة:
من لي بذاك الشنب البارد * يا حبذا المورد للوارد من حرم النظرة مخلوسة * إلى الغزال الأغيد الشارد ينفر عني من حذار العدا * نفاره من شبك الصائد لوى ديوني في الهوى واجدا * ما أقبح اللي من الواجد إلى أن يقول فيها مترفعا عن المدح:
ولست مداحا لهذا الورى * لا طارفي اليوم ولا تالدي أبي لي العز وخوضي الردى * ان امنح المقود للقائد ولي إباء هان من دونه * سواد هذا العالم البائد وقال:
شممنا في ربى نجد * نسيم الشيخ والرند وجرنا ساحة الحي * على الخطارة الجرد ورب دياجر دهم * وريت بجوها زندي وليس يهيجني برق * تالق من ربى نجد يبوح بحبه علنا * واكتم دائما وجدي مضاء زاد في خلقي * كنصل السيف في الغمد وقدنا العيس ضامرة * تقد البيد بالوخد ورب مفازة قفر * قطعت فجاجها وحدي فلا ألوى على طلل * ولا اجتاز بالورد وليس يشوقني رشا * بليل الخصر والقد ولست مجانبا خلا * بجانبي على عمد وحلق بي على هممي * طلاب العز والمجد وقال:
على اللوى ببابل * رشا رمى مقاتلي افنى هواه جلدي * ودب في مفاصلي بات خليا من جوى * وبت في بلابلي وقعت في حباله * وفر من حبائلي ان عذيري في الهوى * أصبح في عواذلي انزف دما والحشى * تغلى على المراجل وبالمصلى من منى * فالخيف فالصلاصل في عبرة مسفوحة * وجسم صب ناحل وان تلاعب الصبا * بالرند والخمائل طوى الضلوع كمدا * على الفؤاد الذابل وسائل ما باله * يبكي بدمع سائل ولى بجرعاء اللوى * فالشعب فالسلاسل هاموا على غير هدى * في طلب العقائل وقد رضوا من الحيا * بالطل دون الوابل دع القصور جانبا * واشدد على الرواحل موسومة مخطومة * تسيل كالجداول والكور والاقناب * والأرماح والمناصل ولا ترجى بالمنى * كل نفيس زائل فرد سواه منهلا * من أعذب المناهل ورد خفيفا للعلى * كالأسد البواسل خل بقيت بعده * مثل الخيال الزائل يهيجني الشوق متى * أقف على المنازل