محاسن ان سارت فقد سار كوكب * بذكرك، أو طارت فقد طار أجدل تحدث عنها الناطقون وأصبحت * بها العيس تحدي والسوابق تصهل سما للعلى قوم سواك فلم تنل * سماؤك، حتما ان باعك أطول أ لست من القوم استخفت سيوفهم * رقاب عدا كانت على الموت تثقل!
تؤدي فروض الشعر ما قيل فيكم * وفي الناس إما جازكم يتنفل نحمس من آثاركم وعلاكم * وننسب من أحلامكم ونغزل لك الخير! ظني في اعتلاقك عاذري * فلا تتركن يا حر وعدك يعذل لعمري! وبعض الريث خير مغبة * ولكن حساب الناس لي فيك أعجل تشبث بها أكرومة في أنها * كتاب يوفى في يديك مسجل فوالله ما أدرى! هل الدهر عارف * بفضلك إلهاما أم الدهر يغفل (1) ومن القصص الطريف الذي يراد به الدلالة على ذكاء المرتضى المفرط، أو ذكاء من يكون طرفا ثانيا للمرتضى، ولكنه بما يحاط به من تزيد أو مغالاة، يحيله إلى ما يعود على خلق المرتضى بأذى وتخديش، لو قبلناهما لتناقضا كثيرا مع الخلق المعروف عن الرجل، ومع الظروف التي تلابسه. فقد روى أن أبا العلاء يوم ورد على بغداد كان ملازما لمجلسه وأنه أعنى أبا العلاء كان يتعصب للمتنبي، ويفضله على غيره من الشعراء، على حين كان الشريف ينتقصه، ويورد معايب في شعره، فقال المعري يوما: لو لم يكن للمتنبي الا قوله:
لك يا منازل في القلوب منازل * اقفرت أنت وهن منك أواهل لكفاه فضلا. فغضب المرتضى وأمر باخراجه من مجلسه، ثم قال لمن حضر: أ تدرون أي شئ أراد بذكر هذه القصيدة، فان للمتنبي أجود منها ولم يذكرها. انما أراد قوله:
وإذا أتتك مذمتي من ناقص * فهي الشهادة لي باني كامل نحن لا ننكر تعصب أبي العلاء للمتنبي، ولا تعصب الشريف عليه، فكلاهما معروف بذلك، ولا نستكثر على المعري هذه الايماءة اللاذعة، ولا على الشريف تلك الانتباهة الخاطفة الفارعة، ولكن الذي لا نراه يتسق ومجرى الصلة بين الرجلين مع جواز أن يغضب المرتضى في نفسه أن يأمر باخراج مناظره من مجلسه، وان تتزيد بعض الروايات على ذلك فتقول: فسحب برجله وأخرج (2).
ننكر هذا، لأننا لم نشهد في كل ما كتب أبو العلاء تعريضا بالمرتضى، ولا في جملة ما كتب المرتضى انتقاصا لأبي العلاء، بل وجدنا غير ذلك. وجدنا أبا العلاء الطريد من مجلس الشريف على زعم الاخباريين بعد تسعة أعوام من عودته إلى المعرة لا ينسى فضل هذا البيت، ولا فضل الشريفين خاصة، فيبعث إليهما عند وفاة والدهما أبى أحمد مواسيا معزيا، بقصيدة من غرر ما في ديوانه سقط الزند، ولا يفوته أن يستطرد إلى مدح المرتضى وولده بما يدل على كرم شيم، ونبل نفس، وأن يستجد عذرا له مما قدم من شعر في التعزية هو دون أهل هذا البيت مقاما ومنزلة:
أودى فليت الحادثات كفاف * مال المسيف وعنبر المستاف الطاهر الآباء والأبناء والآراب * والأثواب والآلاف ولقيت ربك فاسترد لك الهدى * ما نالت الأيام بالاتلاف وساقاك أمواه الحياة مخلدا * وكساك شرخ شبابك الأفواف أبقيت فينا كوكبين سناهما * في الصبح والظلماء ليس بخافي قدرين في الارداء بل مطرين في * الاجداء بل قمرين في الأسداف رزقا العلاء فأهل نجد كلما * نطقا الفصاحة مثل أهل دياف ساوى الرضي المرتضى وتقاسما * خطط العلى بتناصف وتصافي حلفا ندى سبقا وصلى الأطهر * المرضى فيا لثلاثة أحلاف (3) أنتم ذوو النسب القصير فطولكم * باد على الكبراء والأشراف والراح ان قيل ابنة العنب اكتفت * باب عن الأسماء والأوصاف (4) ما زاع بيتكم الرفيع وانما * بالوجد أدركه خفي زحاف ويخال موسى (5) جدكم لجلاله * في النفس صاحب سورة الأعراف يا مالكي سرح القريض أتتكما * منى حولة مسنتين عجاف لا تعرف الورق اللجين وان تسل * تخبر عن القلام والخذراف وأنا الذي أهدى أقل بهارة * حسنا لأحسن روضة مئناف أوضعت في طرق التشرف ساميا * بكما ولم أسلك طريق العافي وأدل من هذا كله على ما لأبى العلاء من اعجاب بالشريف، وذكرى حسنة لأيام اقامته في بغداد، لم تنقص باذلال واهانة ما روي أن صح ما روي من أن أبا العلاء سئل عن المرتضى بعد عودته من العراق فقال:
يا سائلي عنه فيما جئت تسأله * ألا هو الرجل العاري من العار لو جئته لرأيت الناس في رجل * والدهر في ساعة والأرض في دار شعره شعره في غاية الجودة وحكي عن جامع ديوانه أنه قال سمعت بعض شيوخنا يقول ليس لشعر المرتضى عيب الا كون الرضي أخاه فإنه إذا أفرد بشعره كان أشعر أهل عصره ومن شعره قوله:
وطرقنني وهنا بأجواز الربا * وطروقهن على النوى تخييل في ليلة وافى بها متمنع * ودنت بعيدات وجاد بخيل يا ليت زائرنا بفاحمة الدجى * لم يأت الا والصباح رسول فقليله وضح الضحى مستكثر * وكثيره غلس الظلام قليل وقوله أيضا:
تجاف من الأعداء بقيا فربما * كفيت فلم تجرح بناب ولا ظفر ولا تبر منهم كل عود تخافه * فان الأعادي ينبتون من الدهر وقوله: