وفي شوال 1299 عاد إلى حضرموت فلازم السيد علي بن محمد الحبشي وتلقى عنه علوم اللغة العربية وتلقى العلوم الاسلامية عن السيد هادي بن الحسن السقاف والسيد أحمد بن جعفر وبعد سنة كاملة ساح في حضرموت إلى جهاتها الغربية واستقر بدوعن لدى السيد احمد المحضار فاخذ عنه أيضا. ثم رجع إلى تريم وتلمذ على السيد عمر بن الحسن الحداد. ومنه ومن السيد أبو بكر بن شهاب ومن السيد محيي الدين بن عبد الله بلفقيه حصل الإجازة.
أحواله في عام 1304 سافر إلى جاوا مارا بعدن والهندي وسنقافورة.
وفي عام 1306 سافر إلى سومطرا وبعد عودته منها صار وكيلا لوالده على عقاراته الطائلة وكان مدة اقامته بسومطرا يتجر كشريك لوالده.
ولقد كان أهم شاغل له هو النهوض بحضرموت فاخذ يكتب إلى عظماء الاسلام ورجال الدولة العثمانية، ثم كاتب السلطان عبد الحميد نفسه. وكان له آراء متبادلة مع السيد عبد الرحمن بن سهلي والد زوجته الذي رحل إلى اسطمبول واتصل برجالها وحمل منها رسالة من السلطان عبد العزيز إلى ملك هولندا الملك ويليم الثالث فطاف أوروبا وخاطب ملك هولندا شفاها. وساعدته الدولة العثمانية فرافق السيد فضل باشا واستولى على ظفار فكان عونا له إلى أن اضطر للخروج من ظفار فكان السيد عبد الرحمن هذا ذا اتصال وثيق بالمترجم وكانا يعملان معا وكان من مسعاهما ان عينت الدولة العثمانية قنصلا لها بالهند الشرقية اندونيسيا اليوم وبعده تعاقب الممثلون حتى أيام الحرب العظمى الأولى، وقد ازدادت صلة المترجم بالدولة العثمانية وكان ممثلوها كثيرا ما يرجعون إليه ويستلهمون آراءه بل قد يعقدون في بيته الاجتماعات يتداولون فيها الآراء كل ذلك سعيا في مصالح المسلمين النائين ورغبة في خدمة حضرموت وخلال ذلك جرت حوادث استنجد فيها بالدولة العثمانية فأرسلت مندوبا إلى جاوا هو احمد امين بك وعاد حاملا تقريراته ولكنها لم تثمر شيئا.
وقد كون المترجم بعثة من أبناء العرب بجاوا من بينهم ولده عبد المطلب فسافرت إلى اسطمبول وسعى بعد ذلك في ارسال بعثات أخرى فنشر المنشورات وبث الدعاية فوصلت إليه ردود القبول من نحو ستة أشخاص ثم أخذوا يزدادون حتى صاروا نحو خمسين شخصا ولكن المندوب العثماني إذ ذاك وهو امين بك المذكور وكان قد قدم من ليفربول كان لا يرى هذا الرأي فكلفه ان لا يتمم هذا المسعى وكان كما أراد ولذلك لم تتوجه الا بعثة واحدة فقط.
وكان يكتب الاخبار ويحرر المقالات بامضاءات رمزية في ثمرات الفنون التي تصدر من بيروت للشيخ عبد القادر القباني، وفي اللواء المصرية لمصطفى كامل، والمعلومات التي تصدر من اسطمبول والمؤيد لعلي يوسف وغيرها، فاغرى الأعداء السلطات الهولندية به ففتش بيته واستجوب أكثر من مرة وفي إحدى المرات لم ينج من السجن.
وما زال الأعداء يثيرون عليه كل شئ ويتعقبونه ويختلقون عليه الأقوال حتى لحقت به اضرار مالية وأدبية، فنفر منه الكثيرون خوفا وصار الاجراء وضعاف الإرادة يسعون ضده السعي الحثيث.
وفي عام 1311 سافر إلى مصر قاصدا اسطمبول للتفاهم مع رجال الدولة العثمانية في مسالة حضرموت ومسلمي جاوا فصادف إن كانت الدولة إذ ذاك مرتبكة في داخليتها وقد بدأت الشيخوخة تدب في جسمها واتصل بالأستاذ حسن حسني الطويراني فكانت بينهما صلات وأحاديث.
ورجع حاملا الوفاء لرفيقه بما تعهد به ثم حج بيت الله وساح في بلاد عسير واليمن وكتب ما شاهده من اعمال العثمانيين بالعرب وأدرك أسباب النزاع فكتب بهذا كتابات خصوصية إلى كثير من الرجال والى رجال تركيا، ثم سافر منها إلى حضرموت.
وفي عام 1314 سافر وعائلته من حضرموت إلى جاوا مارا بالهند في باخرة لسلطان المكلا والشحر. وفي عام 1319 سافر إلى سومطرا في أمور تجارية واجتماعية ورأى هناك الحالة السائدة فكتب عنها في الصحف المصرية، وفتح مراكز تجارية في عدة أماكن على الطرز الأوروبي فهو أول عربي بجاوا عمل هذا، وأقام معملا للزر في مدينة فاندي كلانغ في مقاطعة بانتن.
وكان من المشاركين في تأسيس أول مدرسة بالهند الشرقية اندونيسيا وهي مدرسة جمعية خير، وفي تأسيس الجمعية نفسها. وأول من قام بهذه الجمعية هو السيد محمد الفاخر المشهور والسيد محمد بن عبد الله بن شهاب والسيد عيدروس بن شهاب والسيد علي بن أحمد بن شهاب والأخير هذا هو أول رئيس لأول جمعية اسلامية بجاوا بل بالهند الشرقية اندونيسيا وكانت للمترجم عناية بتدوين التاريخ فقد جمع معلومات واسعة عن حروب الهولنديين في احتلالهم لاندونيسية مما لا يجده المطالع في مصدر آخر وقد أخذ هذه المعلومات عن قواعد مسلمي سومطرا و ملوكها وعن الضباط الهولنديين الذين باشروا الحرب بأنفسهم واخر ما عرف عن هذه المجموعة انها كانت عند محمد بن هاشم. وقد بلغ من اهتمام المترجم بموطنه الأول حضرموت ان حاول ان ينهض به زراعيا فأرسل إلى حضرموت جميع الأبذرة الموجودة في جاوا لتزرع هناك وكرر هذا مرارا.
ولما خاب امله في الدولة العثمانية وجه همه إلى أمير المكلا والشحر وهو الأمير عوض القعيطي إذ ذاك فكتب إليه يحثه على الاصلاح وأرسل إليه تعليمات عن ايجاد روابط لجميع قبائل حضرموت. ثم ارسل وفدا برئاسة مرعي بن جعفر وأرشده بالمعلومات وبذل جميع مصاريف هذا الوفد من جيبه الخاص ذهابا وإيابا وإقامة، وعاد الوفد قائلا ان رغبة الأمير في الاصلاح حسنة ولكن من حوله لا يريدون الا البقاء على حالتهم. فكتب إلى امراء ورؤساء القبائل كامير سيون منصور بن غالب. وأمير آل تميم علي بن يماني. فاعرضوا ثم رأى أن يجتهد في ايجاد إدارة للبريد والبرق بحضرموت هربا من خيانات الوسطاء والتجار وتلاعبهم بعدن والساحل، فكتب سنة 1330 عريضة لأمير المكلا يستحثه في هذا فكان ذلك مما زاد في همة الأمير إلى الاصلاح واختمر في فكرة ولي عهده ولكن لم يبرز إلى الوجود وكانت له محاولات جريئة في انشاء شركات وطنية كبرى كشركة صيد السمك وتعليبه فسافر من أجل ذلك إلى سنغافورا وفولوفينغ ومدارس وبومباي وعدن والمكلا والشحر.