ومن شعره المناسب هذا قوله:
إن عليا وجعفرا ثقتي * عند ملم الزمان والنوب لا تخذلا وأنصرا ابن عمكما * أخي لأمي من بينهم وأبي والله لا أخذل النبي ولا * يخذله من بني ذو حسب وقوله يخاطب أخاه حمزة حين أسلم وكان يكنى أبا يعلى:
صبرا أبا يعلى على دين أحمد * وكن مظهرا للدين وفقت صابرا وحط من أتى بالحق من عند ربه * بصدق وعزم لا تكن حمز كافرا فقد سرني إذ قلت إنك مؤمن * فكن لرسول الله في الله ناصرا وناد قريشا بالذي قد أتيته * جهارا وقل ما كان أحمد ساحرا وقال مقاتل تعاقدت قريش لئن مات أبو طالب ليجمعن قبائل قريش على قتل رسول الله ص وبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم وأحلافهم من قريش فوصاهم برسول الله ص وقال إن ابن أخي محمد صادق وأمين ناطق وإن شانه أعظم شأن ومكان من ربه أعلى مكان فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته وراموا عدوه من وراء حوزته فإنه الشرف الباقي لكم الدهر وأنشأ يقول:
أوصي بنصر النبي الخير مشهده * عليا ابني وعم الخير عباسا وحمزة الأسد المخشي صولته * وجعفرا أن تذودوا دونه الناسا وهاشما كلها أوصي بنصرته * أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا كونوا فدي لكم نفسي وما ولدت * من دون أحمد عند الروع أتراسا بكل أبيض مصقول عوارضه * تخاله في سواد الليل مقباسا وقال لابنه طالب:
ابني طالب أن شيخك ناصح * فيما يقول مسدد لك راتق فاضرب بسيفك من أراد مساءة * حتى تكون له المنية ذائق هذا رجائي فيك بعد منيتي * لا زلت فيك بكل رشد واثق فاعضد قواه يا بني وكن له * إني بجدك لا محالة لاحق آها أردد حسرة لفراقه * إذ لا أراه وقد تطاول باسق أ ترى أراه واللواء أمامه * وعلي ابني للواء معانق أ تراه يشفع لي ويرحم عبرتي * هيهات إني لا محالة زاهق وفيها أقواء كثير كما هو عادة العرب بل لا يكاد يخلو شعر لهم منه.
وقال يذكر حصار الشعب:
وقالوا خطة جورا وحمقا * وبعض القول أبلج مستقيم لتخرج هاشم فتصير منها * بلاقع بطن مكة والحطيم فمهلا قومنا لا تركبونا * بمظلمة لها أمر وخيم فيندم بعضكم ويذل بعض * وليس بمفلح أبدا ظلوم فلا والراقصات بكل خرق * إلى معمور مكة لا تريم طوال الدهر حتى تقتلونا * ونقتلكم وتلتقي الخصوم ويعلم معشر قطعوا وعقوا * بأنهم هم الجد الظليم كذا أرادوا قتل أحمد ظالميه * وليس لقتله فيهم زعيم ودون محمد فتيان قوم * هم العرنين والعضو الصميم ومن قصيدة لأبي طالب في أمر الصحيفة:
وقد كان من أمر الصحيفة عبرة * متى ما يخير غائب القوم يعجب محا الله منها كفرهم وعقوقهم * وما نقموا من ناطق الحق معرب وأصبح ما قالوا من الأمر باطلا * ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب وأمسى ابن عبد الله فينا مصدقا * على سخط من قومنا غير معتب ستمنعه منا يد هاشمية * مركبها في الناس خير مركب فلا والذي تحدى له كل نضوة * طليح بجنبي نخلة فالمحصب يمينا صدقنا الله فيها ولم نكن * لنحلف بطلا بالعتيق المحجب نفارقه حتى نصرع حوله * وما بال تكذيب النبي المقرب وله في أمر حصار الشعب:
تطاول ليلي بهم نصب * ودمعي كسح السقاء السرب للعب قصي بأحلامها * وهل يرجع الحلم بعد اللعب ونفي قصي بني هاشم * كنفي الطهاة لطاف الحطب وقول لأحمد أنت أمرؤ * خلوف الحديث ضعيف النسب إلا أن أحمد قد جاءهم * بحق ولم يأت بالكذب على أن إخواننا وازرونا * بني هاشم وبني المطلب هما اخوان كعظم اليمين * أمرا علينا كعقد الكرب فيا لقصي أ لم تخبروا * بما قد خلا من شؤون العرب فلا تمسكن بأيديكم * بعيد الأنوف بعجب الذنب ورمتم بأحمد ما رمتم * على الآصرات وقرب النسب فاني وما حج من راكب * وكعبة مكة ذات الحجب تنالون أحمد أو تصطلوا * ظباة الرماح وحد القضب وتفترقوا بين أبياتكم * صدور العوالي وخيلا عصب وقال:
قل لمن كان من كنانة في العز * وأهل الندى وأهل الفعال قد أتاكم من المليك رسول * فاقبلوه بصالح الأعمال وأنصروا أحمدا فان من الله * رداء عليه غير مذال وقال أنشده أبو عبد الله بن صفية الهاشمي له:
لقد كرم الله النبي محمدا * فأكرم خلق الله في الناس أحمد وشق له من اسمه ليجله * فذو العرش محمود وهذا محمد وأورد الحافظ ابن حجر البيت الثاني له في الإصابة ثم قال: قال ابن عينية عن علي بن زيد ما سمعت أحسن من هذا البيت.
وأراد أبو طالب الخروج إلى بصرى الشام وعزم على عدم أخذ النبي ص معه إشفاقا عليه فلما ركب تعلق بزمام ناقته وبكى وناشده في إخراجه فأخرجه معه ولقيه بحرا الراهب وحمل له ولأصحابه الطعام والنزل وحثه على سرعة الرجوع به فقال أبو طالب في ذلك:
إن ابن آمنة الأمين محمدا * عندي بمثل منازل الأولاد لما تعلق بالزمام رحمته * والعيس قد قلصن بالأزواد فارفض من عيني دمع ذارف * مثل الجمان مفرق الأفراد راعيت فيه قرابة موصولة * وحفظت فيه وصية الأجداد وأمرته بالسير بين عمومة * بيض الوجوه مصالت أنجاد ساروا لأبعد طية معلومة * فلقد تباعد طية المرتاد حتى إذا ما قوم بصرى عاينوا * لاقوا على شرك من المرصاد