أصحابه وطلبوا الوثوب على عمرو بن حريث خليفة ابن زياد على الكوفة والطلب بثار الحسين فقال سليمان لا تعجلوا اني رأيت قتلة الحسين هم أشراف الكوفة وفرسان العرب ومتى علموا ما تريدون كانوا أشد الناس عليكم ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت انهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم وكانوا جزرا لعدوهم بثوا دعاتكم ففعلوا واستجاب لهم ناس كثير بعد هلاك يزيد فلما مضت ستة أشهر بعد هلاك يزيد قدم المختار الكوفة وقد كان عبد الله بن يزيد الأنصاري أميرا على الكوفة من قبل ابن الزبير وكانوا قد بايعوا له فاخذ المختار يدعو إلى الطلب بثار الحسين وكان يقول يريد سليمان ان يخرج فيقتل نفسه ومن معه وقال عبد الله بن يزيد ان المختار وأصحابه يطلبون بدم الحسين فليخرجوا ظاهرين ثم إن أصحاب سليمان خرجوا يشترون السلاح ظاهرين ويتجهزون ثم إن المختار خرج إلى ابن الزبير فلما رأى أنه لا يواليه عاد إلى الكوفة واختلفت إليه الشيعة وسال عن سليمان بن صرد فأخبر خبره وانه على المسير وبعث إلى الشيعة وهم عند سليمان وقال لهم ان سليمان له بصر بالحرب ولا تجربة بالأمور وانما يريد ان يخرج بكم فيقتلكم ويقتل نفسه فاستمال بذلك طائفة من الشيعة وعظماء الشيعة مع سليمان لا يعدلون به أحدا وهو أثقل خلق الله على المختار ولما أراد سليمان الشخوص سنة 65 بعث إلى رؤوس أصحابه فأتوه فلما أهل ربيع الآخر خرج فلما اتى النخيلة دار في الناس فلم يعجبه عددهم فأرسل حكيم بن منقد الكندي والوليد بن عصير الكناني فناديا في الكوفة يا لثارات الحسين فكانا أول خلق الله دعيا بذلك فاتاه نحو مما في عسكره ثم نظر في ديوانه فوجدهم ستة عشر ألفا ممن بايعه فقال سبحان الله ما وافانا من ستة عشر ألفا الا أربعة آلاف فقيل له ان المختار يثبط الناس عنك وقد تبعه ألفان فقال وقد بقي عشرة آلاف وأقام بالنخيلة يبعث إلى من تخلف عنه فاتاه نحو من ألف فقام إليه المسيب بن نجبة فقال إنه لا ينفعك الكاره ولا يقاتل معك الا من أخرجته المحبة فلا تنتظر أحدا وجد في أمرك قال نعم ما رأيت ثم قام سليمان في أصحابه فقال أيها الناس من كان خرج يريد بخروجه وجه الله والآخرة فذلك منا ونحن منه ومن كان انما يريد الدنيا فوالله ما يأتي فئ نأخذه وغنيمة نغنمها ما خلا رضوان الله وما معنا من ذهب ولا فضة ولا متاع ما هو الا سيوفنا على عواتقنا وزاد قدر البلغة فتنادى أصحابه من كل جانب انا لا نطلب الدنيا ثم قال عبد الله بن سعد بن نفيل لسليمان انا خرجنا نطلب بثار الحسين وقتلته كلهم بالكوفة منهم عمر بن سعد ورؤوس الأرباع والقبائل فأين نذهب من هنا وندع الأوتار وقال أصحابه كلهم هذا هو الرأي فقال سليمان ان الذي قتله وعبى الجنود إليه هذا الفاسق ابن الفاسق عبيد الله بن زياد فسيروا إليه على بركة الله فان يظفركم الله رجونا ان يكون من بعده أهون علينا منه ورجونا ان يدين لكم أهل مصركم في عافية فينظرون إلى كل من شرك في دم الحسين فيقتلونه وان تستشهدوا فإنما قاتلتم المحلين وما عند الله خير للأبرار ولو قاتلتم أهل مصركم ما عدم رجل ان يرى رجلا قتل أخاه وأباه وحميمه فاستخيروا الله وسيروا فجاءهم والي الكوفة وأمير خراجها وقالوا أقيموا معنا حتى نتهيا فإذا سار عدونا إلينا خرجنا إليه بجماعتنا وجعلا لسليمان وأصحابه خراج جوخى ان أقاموا فقال لهما سليمان قد محضتما النصيحة ونسأل الله العزيمة على الرشد ولا ترانا الا سائرين فقال الوالي أقيموا حتى نعبي معكم جيشا كثيفا وكان بلغهم ان عبيد الله بن زياد أقبل من الشام في جنود كثيرة فلم يقم سليمان وسار عشية الجمعة لخمس مضين من ربيع الآخر سنة 65 فوصل دار الأهواز وقد تخلف عنه ناس كثير فقال ما أحب ان لا يتخلفوا ولو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبالا ان الله كره انبعاثهم فثبطهم وخصكم بفضل ذلك ثم ساروا فانتهوا إلى قبر الحسين فصاحوا صيحة واحدة فما رئي أكثر باكيا من ذلك اليوم وتابوا وأقاموا عنده يوما وليلة يبكون ويتضرعون وزادهم النظر إليه حنقا ثم ساروا بعد أن كان الرجل يعود إلى ضريحه كالمودع له فازدحم الناس عليه أكثر من ازدحامهم على الحجر الأسود ثم ساروا على الأنبار وكتب إليهم والي الكوفة ينهاهم عن المسير نصيحة ويطلب منهم الرجوع إلى الكوفة فكتب إليه سليمان يشكره ويثني عليه ويقول إن القوم استبشروا ببيعهم من ربهم وتابوا فقال الوالي استمات القوم والله ليموتن كراما مسلمين ثم ساروا حتى انتهوا إلى قرقيسيا على تعبية وبها زفر بن الحارث الكلابي قد تحصن بها خوفا منهم لأنه لم يعرفهم فلما عرفهم رحب بهم فطلبوا إليه ان يخرج لهم سوقا فأخرجه وبعث إليهم بخبز كثير وعلف ودقيق فاستغنوا عن السوق الا قليلا وخرج إليهم زفر يشيعهم وقال لسليمان قد سار خمسة أمراء من الرقة أحدهم عبيد الله بن زياد في عدد كثير مثل الشوك والشجر فان شئتم دخلتم قريتنا وكانت أيدينا واحدة فقال سليمان قد طلب أهل مصرنا ذلك منا فأبينا قال زفر فبادروهم إلى عين الوردة فاجعلوا المدينة في ظهوركم ويكون الرستاق والماء والمادة في أيديكم وما بيننا وبينكم فأنتم آمنون منه واطووا المنازل فوالله ما رأيت جماعة قط أكرم منكم ولا تقاتلوهم في فضاء فإنهم أكثر منكم وأوصاهم بوصايا كثيرة حربية مما دل على معرفته الكاملة بالحرب ثم ساروا مجدين فانتهوا إلى عين الوردة وأقاموا على مسيرة يوم وليلة فخطب سليمان أصحابه وذكر الآخرة ورغب فيها ثم قال إذا لقيتموهم فأصدقوهم القتال واصبروا ان الله مع الصابرين ولا يولهم امرؤ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ولا تقتلوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا من أهل دعوتكم الا ان يقاتلكم بعد أن تأسروه فان هذه كانت سيرة علي في أهل هذه الدعوة فان أنا قتلت فأمير الناس مسيب بن نجبة فان قتل فعبد الله بن سعد بن نفيل فان قتل فعبد الله بن وال فان قتل فرفاعة بن شداد رحم الله امرأ صدق ما عاهد الله عليه ثم بعث المسيب في أربعمائة فارس وقال له شن عليهم فان رأيت ما تحب والا رجعت فسار يومه وليلته ثم بث أصحابه في الجهات فجاءوه بأعرابي فسأله فقال أدنى عساكرهم منك على رأس ميل فساروا مسرعين فأشرفوا عليهم وهم غارون فحملوا في جانب عسكرهم فانهزم العسكر وأصاب المسيب منهم رجالا فأكثروا فيهم الجراح وأخذوا الدواب وخلى الشاميون معسكرهم وانهزموا فغنم منه أصحاب المسيب ما أرادوا ثم انصرفوا إلى سليمان موفورين وبلغ الخبر ابن زياد فأرسل الحصين بن نمير في اثني عشر ألفا فخرج إليه سليمان بأصحابه لأربع بقين من جمادى الأولى فدعاهم أهل الشام إلى الجماعة على عبد الملك بن مروان قال ابن الأثير وفي هذا نظر فان مروان كان حيا ودعاهم أصحاب سليمان إلى خلع عبد الملك وتسليم عبيد الله بن زياد إليهم وانهم يخرجون من بالعراق من أصحاب ابن الزبير ثم يرد الأمر إلى أهل البيت فأبى كل منهم فحملت ميمنة سليمان على ميسرة الحصين والميسرة على الميمنة وحمل سليمان في القلب فانهزم أهل الشام إلى معسكرهم وما زال الظفر لأصحاب سليمان إلى أن حجز بينهم الليل فلما أصبحوا أمد ابن زياد الحصين بثمانية آلاف وخرج أصحاب سليمان فقاتلوهم قتالا لم يكن أشد منه طول النهار ولم يحجز بينهم الا الصلاة فلما أمسوا تحاجزوا وقد
(٣٠٠)