بروحه إلى دار القرار وجمع بينه وبين أئمته الأطهار ومن كتب المنطق رسائل كثيرة منها الرسالة الشمسية للامام نجم الدين الكاتبي القزويني وشرحها للامام العلامة سلطان المحققين والمدققين قطب الدين محمد بن محمد بن أبي جعفر بن بابويه بويه الرازي أنار الله برهانه وأعلى في الجنان شانه ومما سمع من كتب الفقه كتاب الشرائع والارشاد وقرأ جميع كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام من مصنفات شيخنا الامام الأعلم أستاذ الكل في الكل جمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن المطهر قراءة مهذبة محققة جمعت بين تهذيب المسائل وتنقيح الدلائل حسبما وسعته الطاقة واقتضت الحال وقرأ وسمع كتب أخرى اه. ما أردنا نقله منها. وفي أمل الآمل كان عالما ماهرا محققا مدققا متبحرا جامعا أديبا منشئا شاعرا عظيم الشأن جليل القدر ثقة من فضلاء تلاميذه شيخنا الشهيد الثاني وقد اجازه الشهيد الثاني إجازة عامة مطولة مفصلة نقلنا منها كثيرا في هذا الكتاب وكان المحقق الكركي الشيخ علي بن عبد العالي أمر أهل عراق العجم وخراسان أن يجعلوا الجدي حال الصلاة بين الكتفين وغير محاريب كثيرة فخالفه المترجم في ذلك وألف فيه رسالة سماها تحفة أهل الايمان في قبلة عراق العجم وخراسان لأن طول تلك البلاد يزيد على طول مكة كثيرا وكذا عرضها فليزم انحرافهم عن الجنوب إلى المغرب كثيرا ففي بعضها كالمشهد بقدر نصف المسافة خمسا وأربعين درجة وفي بعضها أكثر وفي بعضها أقل وكان سافر إلى خراسان وأقام في هراة وكان شيخ الاسلام بها ثم انتقل إلى البحرين وبها مات سنة 984 وكن عمره 66 سنة اه. وفي رياض العلماء كان فاضلا عالما جليلا أصوليا متكلما فقيها محدثا شاعرا ماهرا في صنعة اللغز وله الغاز مشهورة خاطب بها ولده البهائي فاجابه هو بأحسن منها وهما مشهوران وفي المجاميع مسطوران وكان والده وجده أيضا من العلماء وكذا ولده الآخر الشيخ عبد الصمد وكان معظما عند الشاه طهماسب الصفوي بعد ما جاء إلى بلاد العجم لما توفي المحقق الشيخ علي الكركي وهو من القائلين بوجوب الجمعة في زمن الغيبة عينا والمواظبين على اقامتها في بلاد العجم لا سيما خراسان وقال المولى مظفر علي أحد تلاميذ ولده البهائي في رسالته الفارسية التي عملها في أحوال شيخه البهائي على ما حكاه صاحب الرياض: وكان والد هذا الشيخ أي البهائي في زمانه من مشاهير فحول العلماء الاعلام والفقهاء الكرام وكان في تحصيل العلوم والمعارف وتحقيق مطالب الأصول والفروع مشاركا ومعاصرا للشهيد الثاني بل لم يكن له قدس الله سره في علم الحديث والتفسير والفقه والرياضي عديل في عصره وله فيها مصنفات اه. قوله مشاركا ومعاصرا للشهيد الثاني. لفظ المشاركة يستعمل عادة في المشاركة في الدرس عند الشيخ والمترجم له كان تلميذ الشهيد الثاني لا شريكه في الدرس نعم كان يقابل معه بعض كتب الحديث ولعل الاشتباه حصل من ترجمة العبارة الفارسية إلى العربية وهذا كما يأتي عن تاريخ عالم آراي عباسي من أنه كان مشاركا للشهيد الثاني في تصحيح الكتب وتحصيل مقدمات الاجتهاد واجبنا عنه هناك بما يمكن ان يجاب به هنا.
وقال المولى نظام الدين محمد القرشي تلميذ ولده البهائي أيضا في كتابه نظام الأقوال في أحوال الرجال في حقه الحسين بن عبد الصمد بن محمد الجبعي الحارثي الهمداني الشيخ العالم الأوحد صاحب النفس الطاهرة الزكية والهمة الباهرة العلية والد شيخنا واستاذنا ومن إليه في العلوم استنادنا أدام الله ظله البهي من أجلة مشايخنا قدس الله روحه الشريفة كان عالما فاضلا مطلعا على التواريخ ماهرا في اللغات مستحضرا للنوادر والأمثال وكان ممن جدد قراءة كتب الأحاديث ببلاد العجم له مؤلفات جليلة ورسالات جميلة اه. ويدل على اعتنائه بعلم الحديث انه كتب التهذيب بخط يده وقابله مع شيخه الشهيد الثاني على النسخة التي بخط المؤلف. في الرياض رأيت نسخة التهذيب التي بخط المترجم وهي التي قابلها مع الشهيد الثاني بالنسخة التي بخط الشيخ الطوسي ورأيت مجلدين من النسخة التي بخط الشيخ الطوسي أيضا بين كتب الشهيد الثاني وعليها خط المترجم بأنه قابل بها. وقرأ فهرست الشيخ الطوسي على شيخه المذكور وصححه وضبطه واشتغل بذلك في شهر رمضان الذي تشتغل الناس فيه بالعبادة لأنهما رأيا أن ذلك من أفضل العبادات في الرياض رأيت نسخة من فهرست الشيخ الطوسي قرأها المترجم على الشهيد الثاني وكتب الشهيد الثاني بخطه في آخرها: أنهاه أيده الله تعالى وسدده وادام مجده وأسعده قراءة وتصحيحا وضبطا في مجالس آخرها يوم الأحد منتصف شهر رمضان المبارك سنة 954 وأنا الفقير إلى الله تعالى زين الدين بن علي بن أحمد الشامي العاملي حامدا مصليا مسلما اه. وأنا رأيت هذه النسخة بعينها في طهران عام 1353 وعليها خط الشهيد الثاني المذكور كما ذكر، وهو خط جميل وقد كتب تحته هذا خط شيخنا الشهيد الثاني وأظن أن الكاتب الشيخ البهائي وكتب كاتب النسخة في آخرها ما لفظه وافق الفراغ من هذا الكتاب عشية نهار السبت العاشر من شهر ربيع الأول سنة 954 وكتبه العبد الفقير إلى رحمة ربه محمد بن محمد الحسيني البعلي وكانت هذه النسخة ملك المترجم ثم انتقلت إلى ولديه الشيخ البهائي وأخيه عبد الصمد وكتب عليها الشيخ البهائي بخطه الجميل: هذا مشترك بيني وبين أخي عبد الصمد أطال الله بقاءه ثم انتقلت النسخة إلى من وقفها وكتب صورة وقفها على ظهرها وكانت رؤيتي لها قبل مغادرتي طهران بيسير فتعهد لي السيد الفاضل الصالح النجيب السيد مصطفى الموسوي الشيرازي البيرمي مولدا الرازي موطنا الحجازي لقبا بنسخها فنسخها وأحضرها لي معه إلى دمشق في طريقه إلى الحجاز جزاه الله عني خيرا.
وبالجملة فقد دلت مؤلفاته على رسوخ قدمه وتقدمه في العلوم الدينية من الفقه وعلم الحديث والدراية والتفسير والعلوم الأدبية والرياضيات حتى خطأ المحقق الثاني في أمر القبلة ومكانته بين العلماء معروفة وذكره اسكند بك التركماني منشئ الشاه عباس الصفوي في كتابه تاريخ عالم آراي عباسي الذي هو في تاريخ دولة الشاه عباس الأول الصفوي فقد عقد فيه فصلا في آخر سيرة الشاه طهماسب الصفوي لذكر المشايخ والعلماء الاعلام والفضلاء ذوي العز والاحترام الذين كانوا في دولة الشاه طهماسب وعد منهم الشيخ البهائي وذكر ترجمة والده أولا ثم ترجمته فقال في ترجمة والده ما تعريبه كان من مشايخ جبل عامل العظام وكان فاضلا عالما في جميع العلوم خصوصا الفقه والتفسير والحديث والعربية وصرف خلاصة أيام شبابه في صحبة الشهيد الثاني زبدة العلماء الشيخ زين الدين عليه الرحمة وكان مشاركا ومساهما له في تصحيح كتب الحديث والرجال وتحصيل مقدمات الاجتهاد وكسب الكمال. وبعد ما نال الشيخ زين الدين درجة الشهادة بسبب التشيع على يد الروميين الملوك العثمانية توجه المشار إليه المترجم له من وطنه المألوف إلى بلاد العجم فحظي عند الشاه طهماسب وصار مصاحبا له معظما عنده في الغاية وأذعن له علماء العصر بمرتبة الفقاهة والاجتهاد وسعى سعيا بليغا في إقامة صلاة الجمعة وكانت متروكة لاختلاف