الذين تخلفوا عن بيعة أمير المؤمنين ع أو لم يبايعوه أصلا من التابعين ثلاثة أحدهم الربيع بن خثيم ومن الصحابة سبعة قال وروى نصر بن مزاحم المنقري في كتاب صفين أن أصحاب عبد الله بن مسعود أتوا عليا ع لما أراد المسير إلى صفين وفيهم عبيدة السلماني وأصحابه فقالوا انا نخرج معكم ولا ننزل معسكركم ونعسكر على حدة حتى ننظر في أمركم وأمر أهل الشام فمن رأيناه أراد ما لا يحل له أو بدا لنا منه بغي كنا عليه واتاه آخرون من أصحاب عبد الله بن مسعود فيهم ربيع بن خثيم وهم يومئذ أربعمائة رجل فقالوا يا أمير المؤمنين انا شككنا في هذا القتال على معرفتنا بفضلك ولا غنى بنا ولا بك ولا بالمسلمين عمن يقاتل بالمسلمين العدو فولنا بعض هذه الثغور نكن به نقاتل عن أهله فوجه علي ع بالربيع بن خثيم إلى ثغر الري فكان أول لواء عقد بالكوفة لواء ربيع بن خثيم اه وفي مجمع البحرين بعد نقل ذلك: وعلى هذا فيكون الربيع داخلا في جملة المشككين. والموجود في شرح النهج قال نصر فأجاب عليا ع يعني إلى الخروج لحرب معاوية الا أن أصحاب عبد الله بن مسعود وساق الخبر كما مر إلى قوله كنا عليه فقال علي ع مرحبا وأهلا هذا هو الفقه في الدين والعلم بالسنة من لم يرض بهذا فهو جائر خائن واه ولا يخفي ان في تشكيك أصحاب ابن مسعود في أن معاوية باع وان عليا مبغي عليه قلة فقه منهم فيكون قول علي ع لهم هذا هو الفقه في الدين الخ يراد به مجرد استصلاحهم ودفع غائلتهم والا فالفقه يقتضي خلافه ولم يخالف أمير المؤمنين ع الواقع في قوله هذا هو الفقه تورية أي أن مضمونه هو الفقه لو صادف محله كما أن شك الربيع وأصحابه في قتال معاوية جمود منهم وقصور معرفة فأرسلهم إلى الري تخلصا مما يمكن أن يحدث منهم من غائلة وفساد في عسكره والا فهو أحوج إلى قتالهم معه من ارسالهم لحفظ الثغور. وتدل بعض الروايات أنه أرسل الربيع مع جماعة من بعض أصحاب ابن مسعود إلى قزوين فعن روضة الصفا ان شرذمة من القراء من أصحاب عبد الله بن مسعود قالوا لأمير المؤمنين ع انا لسنا على بصيرة من قتال أهل القبلة وذلك عند مسيره إلى صفين فلو بعثت بنا إلى ثغر لنجاهد الكفار فبعث بهم إلى قزوين وجعل الأمير عليهم الربيع بن خثيم. وكيف كان فما مر يدل على أنه لم يكن نافذ البصيرة في ولاء أمير المؤمنين ع فشك في قتال المسلمين معه ودخلت عليه الشبهة في ذلك، وغاب عنه قوله تعالى: وان طائفتان: الآية وقوله ص: علي مع الحق الحديث فكان فيه تقوى الخوارج وجمودهم. وهؤلاء الجامدون في كل زمان أضر على الاسلام والمسلمين من المتجاهرين بالفسق وقد يزيد ضررهم على ضرر المنافقين أو يساويه الذين قال فيهم الرسول ص ما معناه اني لا أخاف على أمتي مؤمنا ولا كافرا بل أخاف عليهم منافقا فالرجل كان زاهدا تقيا الا انه كان جامدا غبيا والله المتولي جزاء عباده.
وقال الفاضل المتتبع المعاصر الميرزا حسين النوري صاحب مستدركات الوسائل: لا تغرنك الأعمال البدنية والعبادات العادية والأعراض عن الدنيا وزهرتها والتنسك في طول الليالي وظلمتها دون ان تنظر إلى الاعتقاد الصحيح فان الربيع بن خثيم وهو من الزهاد الثمانية وكان من أصحاب أمير المؤمنين ع بلغ في الزهد والعبادة غاية لم يبلغها أحد فقد روي أنه لم يتكلم بشئ من أمور الدنيا عشرين سنة فقال يوما لبعض أصحابه هل لكم مسجد في قريتكم فقال نعم أبوك حي أم لا ثم ندم على كلامه وخاطب نفسه قائلا يا ربيع سودت صحيفتك ثم لم يتكلم بعد بشئ من أمور الدنيا إلى أن قتل أبو عبد الله الحسين بن علي فقال له رجل قتل ابن رسول الله فلم يتكلم بشئ ثم جاءه ناع آخر وأخبره بذلك فلم يقل شيئا فلما أخبره الثالث بكى وقال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ثم نقل ما يأتي من حفر القبر ووضع القرطاس بين يديه وغير ذلك ثم قال فانظر إلى ضعف ايمانه ونقص عقله لما رواه نصر بن مزاحم وذكر الخبر المتقدم عن نصر بن مزاحم وروضة الصفا اه.
وعدم تكلمه من أمور الدنيا عشرين سنة وندمه على سؤاله بعض أصحابه عن وجود مسجد في قريتهم وحياة أبيه وعدم تكلمه بشئ حين نعي إليه الحسين ع مرتين وبكاؤه في الثالثة وقراءته الآية دليل واضح على جموده المتناهي فالتقي الورع من يزن كلامه ولا يتكلم بما يسخط الله لا من يترك الكلام كله فالمؤمن لا بد له من الكلام في المباح ولو لأجل تدبير معاشه وقد كان النبي ص وأمير المؤمنين وباقي الأئمة ع والصلحاء يتكلمون في أمور الدنيا ويمزحون وقد ورد ذم من تخلى عن الدنيا وتفرع للعبادة وهجر الناس من النبي ص ومن أمير المؤمنين ع وسمي عدي نفسه ولا شك أن الكلام خير من السكون إذا سلم الكلام من الآفة فالمهم بذل الجهد في سلامته منها لا ان يترك الكلام خوفا من عروض الآفة فقد يسوقه ترك الكلام إلى ترك واجب أو مستحب أو فعل محرم فيقع فيما فر منه وقد زاد بعض الفضلاء على ما تقدم من كلام الفاضل النوري قوله ان عدم عده من أصحاب الحسنين والسجاد ع وقد عاصرهم دليل على عدم اخذه عنهم مع أخذه عن ابن مسعود وأبي أيوب وعدم اخذه عن علي ع وأخذ الشعبي وإبراهيم النخعي عنه دون رجالنا وثقاتنا وذلك يؤيد ما ظن فيه من الانحراف والاعوجاج بل ادراكه الجاهلية والاسلام مع عدم عده من الصحابة ولا ممن شهد موقفا واحدا مع النبي ص دليل على تأخر اسلامه وما ذكره ابن شاذان يدل على زهده وتقواه وأنه ليس متصنعا كالحسن البصري ولا مجاهرا بالعداوة كأبي مسلم الخولاني ومسروق ولا يدل على صحة عقيدته ولا ملازمة بين صحة الاعتقاد والمواظبة على العبادات البدنية كما لا يخفى على من استحضر عبادات خوارج النهروان اه وادراكه الجاهلية والاسلام يستفاد من قول ابن حجر انه مخضرم. وفي كتاب مطلع الشمس تأليف صنيع الدولة وزير المعارف في عهد الشاه ناصر الدين القاجاري وهو في رحلة الشاه إلى خراسان أن أقوال الربيع بن خثيم تذكر في كتب التفاسير خصوصا مجمع البيان في تفسير الآيات كسائر الروايات وقال حمد الله المستوفي ان الربيع بن خثيم كان واليا على قزوين من قبل أمير المؤمنين ع اه والشيخ الطوسي في البيان ينتقل أقواله كثيرا.
وقال الشيخ زين الدين علي العاملي البياضي في كتابه الصراط المستقيم في تفسير القرآن الكريم وممن نسب من أهل الكوفة إلى الرفض سلمان وأبو ذر والمقداد وعمار وجابر بن عبد الله والخدري والبراء وعمران بن حصين وحذيفة ذو الشهادتين وعبد الله بن جعفر وابن عباس وأبو رافع وأبو جحيفة وزيد إلى أن قال والربيع وأويس القرني والأشتر ومحمد بن أبي بكر وابنه القاسم فهؤلاء عندهم رافضة وحديث العراق متعلق بهم اه وتوقف المجلسي فيه في الوجيزة وفي بعض كتبه قال ورأيت بعض الطعون فيه وهو المدفون بالمشهد المقدس الرضوي اه.