تلقيبه بالأشقر وبالخليع الأغاني عن علي بن يحيى انه كان يلقب بالأشقر اه. ولقب بالخليع أو الخالع لكثرة مجونه وخلاعته وإذا كان من يتسمى باسم الخلافة وامارة المؤمنين في تلك الأزمان منغمسا في الملاذ والشهوات والخلاعة والمجون ويصرف الأموال العظيمة على الشعراء والندماء والمجان فأحر بغيره ان يكون خليعا ماجنا وقد قيل الناس على دين ملوكهم ولا سيما من نادم مثل الأمين وقد ذكر له أبو الفرج في الأغاني ترجمة طويلة فيها خلاعة ومجون لم نستجز ان ننقل منه شيئا.
الذين يقال لهم الخليع في معجم الشعراء للمرزباني ان من يقال له الخليع من الشعراء ثلاثة 1 الخليع السعدي ويقال له الخليع العطاردي وهو الخليع بن زفر أحد بني عطارد بن عوف بن كعب بن زيد بن مناة بن تميم 2 المترجم 3 الخليع الشامي متأخر اسمه الغمر بن أبي الغمر قرشي فيما يقال شاعر خبيث كان بينه وبين عامر الكلبي لحاء وهجاء وهو صاحب القصيدة المشهورة التي أولها:
شتمت مواليها عبيد نزار * شيم العبيد شتيمة الأحرار اه. وقال صاحب اليتيمة الخليع الشامي كنيته أبو عبد الله وقد ذهب عني اسمه وكان شاعرا مفلقا قد أدرك زمان البحتري وبقي إلى أيام سيف الدولة وانخرط في سلك شعرائه فحدثني أبو بكر الخوارزمي قال رأيت الخيلع بحلب شيخا قد اخذت منه السن العالية وثقلت عليه الحركة فمما أنشدنيه لنفسه وذكر له عدة مقطعات أوردها صاحب اليتيمة.
الأقوال فيه أورد له صاحب الأغاني ترجمة استغرقت 41 صفحة نأخذ منها ما خلا عن المجون قال: هو بصري المولد والمنشأ من شعراء الدولة العباسية واحد ندماء الخلفاء من بني هاشم ويقال انه أول من جالس منهم محمد الأمين شاعر أديب ظريف مطبوع حسن التصرف في الشعر حلو المذهب لشعره قبول ورونق صاف وكان أبو نواس يأخذ معانيه في الخمر فيغير عليها وإذا شاع له نادر في هذا المعنى نسبه الناس إلى أبي نواس وله معان في صفتها وسبق إليها فاستعارها أبو نواس وهاجى مسلم بن الوليد فانتصف منه وله غزل كثير جيد وهو من المطبوعين الذين تخلو أشعارهم ومذاهبهم جملة من التكلف وعمر عمرا طويلا حتى قارب المائة سنة ومات في خلافة المستعين أو المنتصر اه. ولكن ما يأتي في أشعاره يدل على أنه أدرك عصر المعتضد المتوفى سنة 289 وبويع له بالخلافة سنة 279 ويظهر من كلام ابن عساكر الآتي انه أدرك زمن الرشيد وفي معجم الأدباء عداده في الطبقة الأولى من شعراء الدولة العباسية المجيدين كان شاعرا مطبوعا حسن التصرف في الشعر وهو أحد الشعراء المطبوعين الذين أغناهم عفو قرائحم عن التكلف اه. وذكره ابن خلكان وأورد فيه ما أورده هؤلاء وقال ذكره ابن المنجم في كتابه البارع.
وفي معجم الشعراء للمرزباني عند ذكر من يقال له الخليع: ومنهم الخليع البصري الشاعر المتأخر يكنى أبا علي واسمه الحسين بن الضحاك كان ظريفا صاحبا لأبي نواس أنشد له أبو عبد الله محمد بن داود ابن الجراح عن أبي زيد بن شبة:
إذا شئت ان تلقى خليلا معبسا * وجداه في الماضين كعب وحاتم فحاوله عما في يديه فإنما * تكشف أخلاق الرجال الدراهم وحكى ابن عساكر في تاريخ دمشق عن المرزباني وكانه في غير معجم الشعراء انه شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في فنون الشعر وأنواعه وبلغ فيه مبلغا عاليا واتصل له من مجالسة الخلفاء ما لم يتصل لأحد الا لإسحاق بن إبراهيم الموصلي فإنه قاربه في ذلك أو ساواه صحب الأمين في سنة 188 ولم يزل مع الخلفاء بعده إلى أيام المستعين اه. فيكون قد صحب الأمين وعمره نحو 26 سنة فصحبه نحو عشر سنين خمسا قبل خلافته وخمسا بعدها لأن الأمين ولد سنة 170 وبويع سنة 193 وقتل سنة 198 وعاش سنه 28 وقد ذكروا انه عاصر الرشيد.
شاعريته هو شاعر مطبوع رقيق الشعر منسجمه يكاد يسيل شعره رقة وظرفا وشعره من الذي يسمى بالسهل الممتنع فإذا سمعه السامع يظن أنه يحسن مثله فإذا حاوله امتنع عليه وهو يشبه في شعره وخلاعته أبا نواس مشابهة تامة بحيث لا يكاد يتميز عنه مع كونهما خليطين متعاصرين والناظر في شعره يعرف ذلك بأقل نظرة وهذا النوع من الشعر المسمى بالسهل الممتنع يكشف عن رقة في طبع الشاعر وقوة على النظم وملكة في القائه على البديهة مع السلامة من التكلف والحشو وسهولة فهم السامع له وهذا النوع من أجود أنواع الشعر واجلها رتبة في نظر البلغاء وهناك نوع آخر من الشعر لا يقل عن هذا مزية ومرتبة وهو الشعر الرصين الفخم إذا سمعه السامع عرف قوته وصعوبة مرامه ومشقة الاتيان بمثله الا بعد فكر وروية وقد يتيسر القاؤه على البداهة لمن كانت له ملكة قوية في النظم وكلا النوعين يستعمل في جميع مناحي الشعر الا ان النوع الثاني يكثر استعماله في الحماسة ووصف الحروب وشبه ذلك. وبالجملة فقد تطابق أهل عصر المترجم على سمو مرتبته في الشعر كما تطابقوا على ذلك في حق أبي نواس وكفى لتقدمه في صناعة الشعر في ذلك العصر المملوء بفحول الشعراء ان يصعق مثل أبي نواس المجمع على تقدمه عند سماعه شعره وان يشهد له المأمون بأنه أشعر شعراء البصرة وأظرف ظرفائها وأن بيتا قاله فيه لم يقل أحد من شعراء زمانه بيتا أبلغ منه وان يجيزه عليه بثلاثين ألف درهم وهو غائب مع هجوه للمأمون وتمنيه هلاكه وان يستدعيه المعتصم من البصرة مع علمه بهجائه أخاه ويملأ فاه جوهرا ويعطيه عن كل بيت من قصيدته ألف درهم وهي أكثر جائزة لشعر مدح به في دولتهم وأن يقول المتوكل فيه انه أشعر أهل زمانه وأملحهم مذهبا وأظرفهم نمطا وأن يقول الرياشي وتقدمه في فنون الأدب مشهور انه ارق الناس طبعا وأكثرهم ملحا وأكملهم ظرفا وأن يقول فيه ابن الرومي انه أغزل الناس وأظرفهم وأن يقول ثعلب ما بقي من يقول مثل شعره.
تشيعه يمكن ان يستدل على تشيعه بما نسبه إليه جماعة انه قاله في رثاء الحسين ع وقد ذكرناه نحن في الدر النضيد ولا ندري الآن من أين نقلناه وهو: