وقال ابن الأثير في حوادث سنة 431 فيها شغب الأتراك على الملك جلالة الدولة ببغداد فراسل دبيس بن مزيد وقرواشا صاحب الموصل وغيرهما وجمع عنده العساكر فاستقرت القواعد بينهم وفي حوادث سنة 441 فيها كانت حرب شديدة بين نور الدولة دبيس بن مزيد وعسكر واسط من الأتراك وسببه أن الملك الرحيم اقطع نور الدولة حماية نهر الصلة ونهر الفضل وهما من أقطاع الواسطيين فسار إليهما ووليهما فسخط ذلك الواسطيون وساروا إلى نور الدولة وأرسلوا إليه يهددونه فأجابهم انا نرسل إلى الملك فبأي شئ يأمر رضينا به فسبوه وساروا مجدين إليه فأرسل إلى طريقهم طائفة من عسكره ووضع لهم كمينا فخرج عليهم فقتل واسر وجرح منهم كثيرا وانهزموا وغنم ما في عسكرهم.
امراء بني مزيد المترجم هو أول امراء بني مزيد الأسديين كانت لهم الامارة بالعراق وكانوا ينزلون أولا بالبيوت العربية ثم بنوا الحلة سنة 495 وأول من بناها وانتقل إليها منهم سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد حفيد المترجم فسميت بالحلة السيفية والحلة المزيدية وأهلها إلى اليوم إذا انتخوا يقولون أين آل دبيس ولأمراء بني مزيد اخبار جميلة وأعمال جليلة وكانوا ملجا لكل ملهوف ونصرة لكل مظلوم. وفي مجالس المؤمنين فان هذه الطائفة من شيعة أمير المؤمنين علي ع من قديم الزمان وكانوا متفرقين بين اعراب عراق العرب وخوزستان اه. واستمرت إمارتهم نحوا من 142 سنة من سنة 403 إلى سنة 545 ولي الامارة منهم في هذه المدة سبعة امراء فأول من تقدم منهم أبو الحسن علي بن مزيد فولي الامارة سنة 403 وتوفي سنة 408 فوليها بعد ابنه نور الدولة دبيس المترجم وتوفي 474 ثم وليها ابنه بهاء الدولة منصور بن دبيس وتوفي سنة 479 فوليها ابنه سيف الدولة صدقة بن منصور وهو الذي بنى الحلة فنسبت إليه وقتل سنة 501 فولي بعده ابنه نور الدولة دبيس بن صدقة المتقدمة ترجمته وقتل سنة 529 فولي بعده ابنه صدقة بن دبيس وقتل سنة 531 فولي بعده اخوه علي بن دبيس وتوفي سنة 545 وبموته انقرضت أمارتهم.
وفي الرياض عن الشيخ رضي الدين علي أخي العلامة الحلي في كتاب العدد القوية: في سنة 493 نزل سيف الدولة صدقة بن منصور الأسدي ارض الحلة وهي آجام ووضع الأساس للدور والأبواب سنة 495 وحفر الخندق حولها سنة 498 وفي 21 رمضان سنة 500 كان وضع السور حولها وفي سنة 501 انتقل إليها ووضع الكشك السكك ظ ولده دبيس بعد وفاته وتولى بعده ولده علي وأول من تقدم منهم علي بن مزيد وانقرض ملكهم على يد علي بن دبيس ولهذا يقولون أول ملوكهم علي وآخرهم علي اه.
وقال عماد الدين الأصفهاني في خريدة القصر ما صورته: كانوا ملجا اللاجئين، وثمال الراجين وموئل المعتفين وسيف المستضعفين تشد إليهم رجال الآمال وتنفق عندهم فضائل الرجال ويفوح في أرجائهم أرج الرجاء وتطيب بنداهم أندية الفضلاء، ولا يلقى في ذراهم البائس بؤس اليائس، وكم قصم نجادهم فقار الفقر والافلاس. بشرهم للاجئ بشير، وملكهم للملتجئ ظهير، وأثرهم في الخيرات أثير، والحديث عن كرمهم كثير، ليوث الوغى وغيوث الندى وغياث الورى، سلكوا محجة الحجى وأودعوا قلوب عداتهم وحلوقها الشجن والشجى وأحشاء حاسدهم يحسك الحسد قريحة، ونفوس مواليهم ومواليهم بدولتهم مستريحة، وما زال ذيل نعمهم سابغا ومشرب دولتهم سائغا وأمورهم مستقيمة، والجدود عندهم مقيمة، إلى أن قتل صدقة سنة 501 واظلمت أيامه المشرقة وانتقلت الامارة إلى دبيس ابنه، وان امر الامارة على أساس أبيه لم يبنه، فتارة يقيم وتارة يخرج، ومرة يمر ومرة يدرج وحارب المسترشد مرارا فهزم دبيس وما برحت دولتهم تنقص وظلهم يقلص إلى أن اضمحلت في زماننا هذا بالكلية أعاذنا الله من مثل هذه البلية فلقد كانوا ذوي الهمم العلية ومنازلهم بالحلة خلت. وبعد ما كانت مصونة أحلت وعقود سعودهم حلت.
أقوال العلماء في دبيس قال ابن الأثير: ما زال ممدحا في كل زمان مذكورا بالفضل والاحسان وفي مجالس المؤمنين عن تاريخ مصر انه كان جوادا ممدحا ومحط رحال الرافضة اه. ومما يأتي من اخباره يظهر ما كان له من المكانة عند الملوك والامراء وحسن التدبير وفي مسودة الكتاب فيه يقول الشاعر:
سالت الندى والجود حيان أنتما وهل عشتما من بعد آل محمد فقالا نعم متنا جميعا وضمنا ضريح وأحيانا دبيس بن مزيد أخباره قال ابن الأثير في حوادث سنة 404 فيها تزوج أبو الأغر دبيس بن علي بن مزيد بأخت أبي الشوك فارس بن عناز أمير الأكراد.
وفي حوادث سنة 408 فيها في ذي القعدة توفي أبو الحسن علي بن مزيد الأسدي وقام بعده ابنه نور الدولة أبو الأغر دبيس وكان أبوه قد جعله ولي عهده في حياته وخلع عليه سلطان الدولة ابن بويه وأذن في ولايته فاختلفت العشيرة على دبيس فطلب اخوه المقلد الامارة وسار إلى بغداد وبذل للأتراك بذولا كثيرة ليعاضدوه فسار معه منهم جمع كثير وكبسوا دبيسا بالشماسية ونهبوا حلته فانهزم إلى نواحي واسط وعاد الأتراك إلى بغداد وقام الأثير الخادم بأمر دبيس حتى ثبت قدمه.
وفي حوادث سنة 418 فيها عصى أهل البطيحة على الملك أبي كاليجار ومقدمهم أبو عبد الله الحسين بن بكر الشرابي ثم قصدهم ابن المعبراني فاستولى على البطيحة وفارقها الشرابي إلى دبيس بن مزيد فأقام عنده مكرما.
وفي حوادث سنة 420 فيها اصعد الملك أبو كاليجار إلى مدينة واسط فملكها وابتداء ذلك أن نور الدولة دبيس بن علي بن مزيد صاحب الحلة والنيل ولم تكن الحلة بنيت ذلك الوقت خطب لأبي كاليجار في أعماله لان أبا حسان المقلد بن أبي الأغر الحسن بن مزيد كان بينه وبين نور الدولة عداوة فاجتمع هو ومنيع أمير خفاجة وأرسلا إلى بغداد يبذلان مالا يتجهز به العسكر لقتال نور الدولة فاشتد الامر على نور الدولة فخطب لأبي كاليجار وراسله يطمعه في البلاد ثم اتفق انه ملك البصرة فقوى طمعه فسار من الأهواز إلى واسط وبها الملك العزيز بن جلال الدولة ففارقها العزيز وقصد النعمانية ففجر عليه نور الدولة البثوق من بلده فهلك كثير من أثقالهم وغرق جماعة منهم وخطب في البطيحة لأبي كاليجار وورد إليه نور