إلى الخليل فيكسبوا اثم الكذب وتفوتهم الشهرة التي يرغب فيها كل أحد وما نسبه إليه ابن جني من التخليط وغيره لا يمكننا الحكم عليه ولم نره فلعل ما رآه تخليطا وخللا كان عين الصواب والزبيدي لم يثبت عنده لعدم اطلاعه على المثبت فلا يكون حجة على من أثبته وبنى قوله على الظن وهو لا يغني من الحق شيئا واختلاف النسخ والروايات لا يدل على ما قاله ثعلب فأي كتاب لم تختلف نسخه باختلاف الروايات وبغيره وتعليل انكار أبي حاتم له عليل فالمكمل له ان صح ان أحدا أكمله هم العلماء الذين اختارهم الليث ولعلهم أصحاب الخليل ولا يلزم تسميتهم بأعيانهم والخليل يجوز ان يوافق الكوفيين في مذاهبهم في النحو وان كان بصريا وخلط الرباعي بالخماسي وعدم فصله عنه لأن المخترع لا بد ان يقع منه مثل ذلك فيستدركه المتأخر كما يقع مثله لكل مخترع. وقد حكى صاحب كشف الظنون عن السيوطي انه قال طالعته فرأيت وجه التخطئة غلبة من جهة التصريف والاشتقاق واما كون الخطأ في لفظه من حيث اللغة بان يقال هذه اللفظة كذب فمعاذ الله لم يقع ذلك وحينئذ لا قدح فيه فالانكار راجع إلى الترتيب وهذا أمر بين وان كان مقام الخليل تنزه عن ارتكاب مثل ذلك فلا يمنع الوثوق به والاعتماد عليه واما التصحيف فمن ذا الذي سلم من التصحيف اه أقول عدم حسن الترتيب لا بد ان يقع فيه المخترع كما مر مهما عظمت منزلته.
المنسوب إليهم التأليف في اكماله والرد عليه وغيرهما في كشف الظنون ممن ألف الاستدراك على العين أبو طالب المفضل بن سلمة الكوفي قال أبو الطيب رد أشياء من العين أكثرها غير مردود وترتيبه ليس على الترتيب المعهود قال وعليه مدخل لأبي الحسن النضر بن شميل النحوي المتوفي سنة 204 من أصحاب الخليل وصنف أحمد بن محمد الخارزنجي المتوفي سنة 348 تكملة له. وجمع أبو عمر محمد بن عبد الواحد المعروف بغلام ثعلب فائت العين. وصنف محمد بن عبد الله الإسكافي الخطيب كتابا في غلط العين. وصنف أبو غالب بن التباني كتابا متعلقا به سماه فتح العين. ومر عن الليث بن نصير أو ابن المظفر انه أكمله. وان جماعة من علماء عصره أكملوه. وان احمد البشتي أكمله وان بعض المتحذلقين قال إن الخليل لم يف بما شرط لأنه أهمل من كلمات العرب ما وجد في كلماتهم مستعملا مع وروده. وفي الروضات:
صنف محمد بن عبد الله بن محمد بن موسى الكرماني أبو عبد الله النحوي المعروف بالوراق تلميذ ثعلب كتاب ما أغفله الخليل في العين وما ذكر انه مهمل وهو مستعمل وما هو مستعمل وقد أهمل وعن معجم الأدباء ان محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي صنف كتاب غلط العين وفي الرياض قال الأزهري في أول تهذيبه هذا ما ألفه الخليل من حروف الهجاء التي عليها مدار كلام العرب وألفاظها إذ لا يخرج شئ منها عنها أراد ان يعرف بذلك جميع ما تكلمت به العرب في اشعارها وأمثالها وان لا يشذ عنه شئ منها قال أبو منصور أشكل هذا الفصل على كثير من الناس حتى ظن بعض المتحذلقين ان الخليل لم يف بما شرط لأنه أهمل من كلمات العرب ما وجد في لغاتهم مستعملا وقال احمد البشتي الذي ألف كتاب التكملة لنقص كتاب الخليل: ما أودعناه كتابنا هذا يشتمل على ضعفي كتاب الخليل ويزيد قال أبو منصور ولما قرأت هذا الفصل من كتاب البشتي استدللت به على غباوته وقلة فطنته وتمييزه وعلمت انه لم يفهم ما اراده الخليل بكلامه ولم يفطن الذي قصده وانما أراد الخليل حروف ا ب ت ث التي عليها مدار كلام العرب لا يخرج شئ منها عنها وأراد بما ألف منها معرفة جميع ما يتفرع منها إلى آخره ولم يرد انه حصل جميع ما لفظوا به من الألفاظ على اختلافها ولكنه أراد ما أسس ورسم بهذه الحروف وما بين من وجوه ثنائيها وثلاثيها ورباعيها وخماسيها وسالمها ومعتلها على ما بين من وجوهها أولا فأولا حتى انتهت الحروف إلى آخرها فيعرف به يميع ما هو من ألفاظهم إذا تتبع لا انه تتبعه فحصله وكمله من غير أن فاته من ألفاظهم لفظة أو من معانيهم للفظ الواحد معنى ولا يجوز ان يخفى على الخليل مع ذكاء فطنته وثقوب فهمه ان رجلا واحدا ليس بنبي يوحي إليه لا يمكن علمه بجميع لغات العرب وألفاظها على كثرتها حتى لا يفوته منها شئ وكان الخليل أعقل من أن يظن هذا أو يقدره وانما معنى كلامه وما ذهب إليه وهمه ما بينته فتفهمه ولا تغلط عليه اه. وحاصل ذلك أن الخليل ألف كتاب العين على ترتيب الحروف إذا اجتمعت ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا أو خماسيا المهمل من ذلك والمستعمل فذكر كلما يمكن ان يتألف من هذه الحروف من حرفين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة حسبما وصل إليه علمه وربما تكون كلمة تتألف من هذه الحروف نطقت بها العرب ولم يطلع عليها وربما تكون اللفظة التي ذكر لها معنى آخر لم يطلع عليه أو تكلم بها فريق من العرب دون فريق ولم يطلع عليه فان الإحاطة بذلك لا تتيسر لغير علام الغيوب وربما يكون ذكر أصول الكلمات دون متفرعاتها ومشتقاتها لكن لا يخفى انه إذا كانت لفظة مستعملة لم يطلع عليها أو لها معنى لم يطلع عليه واطلع على ذلك يصح ان يقال انه استدرك عليه.
الذين اختصروا كتاب العين في كشف الظنون اختصره أبو بكر محمد بن الحسن بن مذحج الزبيدي الأندلسي اللغوي المتوفي سنة 379 فقال في أوله: هذا كتاب امر بجمعه وتأليفه الأمير الحاكم المستنصر بالله تعالى وعن مقدمة ابن خلدون انه اختصره مع المحافظة على الاستيعاب وحذف منه المهمل كله وكثيرا من شواهد المستعمل ولخصه للحفظ أحسن تلخيص اه. وفي الرياض لخصه الخارزنجي ولكن سيأتي عن كشف الظنون ان أحمد بن محمد الخازرنجي صنف تكملة له لا انه اختصره ولعله اختصره وأكمله وقال النجاشي في ترجمة علي بن محمد العمدي الشمشاطي انه لخصه وذكر المستعمل والقى المهمل والشواهد والتكرار وزاد على ما في الكتاب واختصره أبو الحسن علي بن القاسم الخوافي كما أشار إليه فخر الدين الرازي في كتاب مناقب الشافعي اه.
مما يتعلق بكتاب العين ما حكاه ياقوت في معجم الأدباء عن القاسم بن محمد الأنباري العالم المشهور قال قدمت بغداد وليس لي دار فبعث بي ثعلب إلى قوم يقال لهم بنو بدر فاعطوني شيئا لا يكفيني وذكروا كتاب العين فقلت هو عندي قالوا بكم تبيعه قلت بخمسين دينارا قالوا اخذناه بما قلت إن قال ثعلب انه للخليل فاتيت أبا العباس ثعلب فقلت يا سيدي هب لي خمسين دينارا فقال لي أنت مجنون فقلت لست أريد من مالك وحدثته الحديث قال فأكذب قلت حاشاك ولكن أنت أخبرتنا ان الخليل فرع من باب العين ثم مات فإذا حضرنا بين يديك فضع يدك على ما لا تشك فيه فقال تريد ان انجش (1) لك فلما حضروا ناولوه الكتاب وقالوا هذا للخليل أم لا ففتح حتى توسط باب العين