من وقعة بدر (1) فاقبل يمشي ومعه ابنته فقال أوما ترضى يا خالد أن يكون للناس هجرة ولكم هجرتان اثنتان قال بلى يا رسول الله قال فذاك لكم (2) ثم أن خالدا قال لابنته اذهبي إلى رسول الله فسلمي عليه فذهبت الجويرية حتى أتته من خلفه فأكبت عليه وعليها قميص أصفر فأشارت به إلى رسول الله ص تريه إياه فقال لها سنه سنه سنه يعني حسن يعني بالحبشية ثم قال أبلي واخلقي ثم أبلي واخلقي (3) اه.
وهذه أم خالد صحبت بعد ذلك رسول الله ص وقد روت عنه اه.
وفي ذلك من الدلالة على كلام أخلاق رسول الله ص وعلى بساطة أحوال العرب وأخلاقهم ما لا يخفى. وفي أسد الغابة هاجر معه إلى أرض الحبشة أخوه عمرو بن سعيد وقدما على النبي ص بخيبر مع جعفر بن أبي طالب في السفينتين فكلم النبي ص المسلمين فأسهموا لهم. وفي رجال بحر العلوم: وشهد خالد مع النبي ص الفتح وحنين والطائف وتبوك ثم ولاه صدقات اليمن فكان في عمله ذلك حتى بلغه وفاة النبي ص فترك ما في يده وأتى بالمدينة ولزم عليا ع اه.
بقية أخباره في عصر النبوة وروى ابن سعد في الطبقات والحاكم في المستدرك بالاسناد عن الواقدي بسنده عن خالد بن سعيد ان أباه سعيد بن العاصي بن أمية مرض، زاد صاحب أسد الغابة وكان أبوه شديدا على المسلمين وكان أعز من بمكة فقال لئن رفعني الله من مرضي هذا لا يعبد إله ابن أبي كمبشة ببطن مكة أبدا فقال خالد بن سعيد عند ذلك اللهم لا ترفعه، زاد صاحبا المستدرك والاستيعاب فتوفي في مرضه ذلك.
وفي الاستيعاب فيما أخرجه البغوي بسنده عن خالد بن سعيد انه أتى رسول الله ص وعليه خاتم فضة مكتوب عليه محمد رسول الله قال فأخذه مني فلبسه وهو الذي كان في يده. وروى الحاكم في المستدرك بسنده أنه أتى النبي ص وفي يده خاتم فقال له النبي ما هذا الخاتم قال خاتم اتخذته قال فاطرحه فطرحته إليه فإذا هو خاتم من حديد فقال النبي ص ما نقشته قلت محمد رسول الله فأخذه النبي ص فتختم به حتى مات فهو الخاتم الذي كان في يده. صحيح الاسناد ولم يخرجاه:
وقال ابن عساكر: اخرج الخطيب قال مر النبي ص بقبر أبي أحيحة الفاسق، فقال خالد بن سعيد والله ما يسرني انه في أعلى عليين وأنه مثل أبي قحافة، فقال النبي ص لا تسبوا الموتى فتغضبوا الأحياء.
من أخباره باليمن في الاستيعاب قال الزبير ابن بكار لخالد بن سعيد بن العاص وهب عمرو بن معديكرب الصمصامة وذكر شعره في ذلك. ثبت في ديوان عمرو بن معديكرب مدح خالد بن سعيد بن العاص لما بعثه النبي ص مصدقا عليهم مصدقا يقول فيها:
فقلت لباغي الخير أن تأت خالدا * تسر وترجع ناعم البال حامدا وفي تاريخ دمشق وهب له عمرو بن معديكرب الصمصامة وقال حين وهبها له:
خليلي لم أهبه عن قلاة * ولكن التواهب للكرام خليلي لم أخنه ولم يخني * كذلك ما خلا لي أو بذام كذا حبوت به كريما من قريش * فسر به وصين عن اللئام أخباره بعد عصر النبوة ورجوعه من اليمن حكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن الزبير بن بكار في الموفقيات خبرا يتضمن كلاما وشعرا لعمرو بن العاص ضد الأنصار بعد بيعة أبي بكر وكلاما وشعرا للنعمان بن عجلان في الرد عليه وذكرنا ذلك كله في ترجمة النعمان وان شعر عمرو وكلامه لما انتهى إلى قريش غضب كثير منها. قال وألفى ذلك قدوم خالد بن سعيد بن العاص من اليمن وكان رسول الله ص استعمله عليها وكان له ولأخيه أثر قديم في الاسلام وهما من أول من أسلم من قريش ولهما عبادة وفضل فغضب خالد للأنصار وشتم عمرو بن العاص وقال يا معشر قريش ان عمرا دخل في الاسلام حين لم يجد بدا من الدخول فيه فلما لم يستطع ان يكيده بيده كاده بلسانه وان من كيده الاسلام تفريقه وقطعه بين المهاجرين والأنصار والله ما جازيناهم للدين ولا للدنيا لقد بذلوا دماءهم لله تعالى فينا وما بذلنا دماءنا لله فيهم وقاسمونا ديارهم وأموالهم وما فعلنا مثل ذلك بهم وآثرونا على الفقر وحرمناهم على الغنى ولقد وصى رسول الله ص بهم وعزاهم عن جفوة السلطان فأعوذ بالله أن أكون أنا وإياكم الخلف المضيع والسلطان الجاني اه. قال ابن أبي الحديد قوله وعزاهم عن جفوة السلطان إشارة إلى قول النبي ص ستلقون بعدي اثرة فاصبروا حتى تقدموا على الحوض.
وجاء النعمان بن بشير في جماعة من الأنصار إلى معاوية فشكوا إليه فقرهم وقالوا لقد صدق رسول الله ص في قوله لنا ستلقون بعدي أثرة فقد لقيناها فقال معاوية فماذا قال لكم قالوا قال لنا فاصبروا حتى تردوا علي الحوض، قال معاوية فافعلوا ما أمركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبر.
وحرمهم ولم يعطهم شيئا اه. ومر في ترجمة أبي أيوب الأنصاري خالد بن زيد انه قال له نحوا من ذلك وان ذلك استهزاء بالشرع وصاحبه قال الزبير وقال خالد بن سعيد بن العاص في ذلك:
تفوه عمرو بالذي لا نريده * وصرح للأنصار عن شناة البغض فان تكن الأنصار زلت فإننا * نقيل ولا نجزيهم القرض بالقرض فلا تقطعن يا عمرو ما كان بيننا * ولا تحملن يا عمرو بعضا على بعض أتنسى لهم يا عمرو ما كان منهم * ليالي جئناهم من النفل والفرض