القاسم كاتبا شاعرا كتب لعبد الله بن علي عم المنصور كما كتب له أبوه ثم كتب يوسف ليعقوب بن داود وزير المهدي ذكر ذلك الصولي في كتاب الأوراق وأورد له ترجمة مفصلة وأورد شيئا من شعره وكان اخوه أبو محمد القاسم بن يوسف شاعرا أديبا ترجمه الصولي في الأوراق وأورد شيئا كثيرا من شعره وكان أسن من احمد وبقي بعد احمد مدة وكان اخوه علي بن يوسف شاعرا وبينهما مراسلة، وكان ولده عبد الله بن أحمد بن يوسف ظريفا كاتبا ترجمه الصولي في الأوراق وأورد من شعره. وكان ابنه محمد بن يوسف يروي عن أبيه احمد وتأتي تراجمهم في أبوابها إن شاء الله.
أقوال العلماء فيه قال ياقوت في معجم الأدباء: أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب الكوفي أبو جعفر من أهل الكوفة كان يتولى ديوان الرسائل للمأمون ووزر للمأمون بعد أحمد بن أبي خالد وكان احمد واخوه القاسم شاعرين أديبين وأولادهما جميعا أهل أدب يطلبون الشعر والبلاغة. قال الصولي:
لما مات أحمد بن أبي خالد الأحول شاور المأمون الحسن بن سهل فيمن يكتب له ويقوم مقامه فأشار عليه بأحمد بن يوسف وبأبي عباد ثابت بن يحيى الرازي وقال هما اعلم الناس باخلاق أمير المؤمنين وخدمته وما يرضيه فقال له اختر لي أحدهما فقال الحسن ان صبر احمد على الخدمة وجفا لذته قليلا فهو أحبهما إلي لأنه أعرق في الكتابة وأحسنهما بلاغة وأكثر علما فاستكتبه المأمون وكان يعرض الكتب ويوقع ويخلفه أبو عباد إذا غاب من دار المأمون مترفعا عن الحال التي كان عليها أيام أحمد بن أبي خالد وكان ديوان الرسائل وديوان الخاتم والتوقيع والأزمة إلى عمرو بن مسعدة وكان امر المأمون يدور على هؤلاء الثلاثة انتهى.
وقال أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق: اخبار أبي جعفر أحمد بن يوسف بن صبيح كاتب دولة بني العباس، وزر للمأمون بعد أحمد بن أبي خالد وهو معرق في الكتابة والشعر وقد استقصيت اخباره في كتاب الوزراء الذي ألفته إلى أن قال وكان اخوه القاسم بن يوسف أسن منه وبقي القاسم بعده مدة ثم روى عن القاسم بن إسماعيل عن قعنب بن محرز الباهلي:
كنا نقول لم يل الوزارة أشعر من أحمد بن يوسف حتى ولي محمد بن عبد الملك فكان أشعر منه. حدثني الحسن بن علي الباقطاني قال: اجتمع الكتاب عند أحمد بن إسرائيل فتذاكروا الماضين من الكتاب فاجمعوا ان أكتب من كان في دولة بني العباس أحمد بن يوسف وإبراهيم بن العباس وان كتاب دولتهم إبراهيم بن العباس ومحمد بن عبد الملك بن الزيات فإبراهيم أجودهما شعرا ومحمد أكثرهما شعرا ثم الحسن بن وهب وأحمد بن يوسف وان أذكى كتاب الدولة واجمعهم لمحاسن الكتابة من ذكاء وحفظ وفطنة جعفر بن يحيى وإسماعيل بن صبيح انتهى.
وقال ابن الطقطقي في الآداب السلطانية المعروف بالفخري: وزارة أحمد بن يوسف بن القاسم للمأمون: كان من الموالي. وكان كاتبا فاضلا أديبا شاعرا فطنا بصيرا بأدوات الملك وآداب السلاطين انتهى.
تشيعه ليس عندنا ما يدل على تشيع أحد من هذه الطائفة صريحا سوى القاسم بن يوسف أخي المترجم فإنه شيعي قطعا ولكن المظنون تشيعهم جميعا للظن من تشيع الابن بتشيع الأب وبالعكس ومن تشيع الأخ بتشيع أخيه وان كان تخالف الأقارب في المذاهب قد يقع لكن خصوصيات المقام تختلف وقد رثى القاسم بن يوسف أخاه احمد صاحب الترجمة وهو مما يؤيد تشيعه مضافا إلى كون احمد من أهل الكوفة الغالب على أهلها التشيع وكلهم أيضا كوفيون كما يفهم مما مر عن ابن كناسة الأسدي ومر عن المرزباني انه مولى لبني عجل ومنازلهم بسواد الكوفة.
بعض اخباره في معجم الأدباء: حدث أبو القاسم عبد الله بن محمد بن ماميا الكاتب في كتاب ملح الممالحة قال: لما خرج عبد الله بن ظاهر من بغداد إلى خراسان قال لابنه محمد ان عاشرت أحدا بمدينة السلام فعليك بأحمد بن يوسف الكاتب فان له مروءة فما عرج محمد حين انصرف من توديع أبيه على شئ حتى هجم على أحمد بن يوسف في داره فأطال عنده ففطن له احمد فقال يا جارية غدينا فأحضرت طبقا وأرغفة نقية وقدمت ألوانا يسيرة وحلاوة وأعقب ذلك بأنواع من الأشربة في زجاج فاخر وآلة حسنة وقال:
يتناول الأمير من أيها شاء ثم قال له ان رأى الأمير ان يشرف عبده ويجيئه في غد أنعم بذلك فنهض وهو متعجب من وصف أبيه له وأراد فضيحته فلم يترك قائدا جليلا ولا رجلا مذكورا من أصحابه الا عرفهم انه في دعوة أحمد بن يوسف وأمرهم بالغدو معه فلما أصبحوا قصدوا دار أحمد بن يوسف وقد أخذ أهبته وأظهر مروءة فرأى محمد من النضائد والفرش والستور والغلمان والوصائف ما أدهشه ونصب ثلاثمائة مائدة وقد حفت بثلاثمائة وصيفة ونقل إلى كل مائدة ثلاثمائة لون في صحاف الذهب والفضة ومثارد الصين فلما رفعت المائدة قال ابن طاهر هل أكل من بالباب فنظروا فإذا جميع من بالباب قد نصبت لهم الموائد فاكلوا فقال شتان بين يوميك يا أبا الحسن كذا في هذه الرواية كناه بأبي الحسن فقال أيها الأمير ذاك قوتي وهذه مروءتي.
اخباره مع المأمون في كتاب الأوراق حدثنا محمد بن العباس، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أحمد بن يوسف عن أبيه، قال جلس احمد يقرأ الكتب بين يدي المأمون وهو وزير، فمرت قصة أصحاب الصدقات، فقال المأمون لأحمد:
انظر في امرهم، قد كثر ضجيجهم فقال: قد نظرت في أمرهم وقررته، ولكنهم أهل تعد وظلم، وبالباب منهم جماعة. فقال المأمون ادخلوهم إلي فدخلوا فناظروه فاتجهت الحجة عليهم، فقال احمد: هؤلاء ظلموا رسول الله ص، كيف يرضون بعده: قال الله عز وجل ومنهم من يلمزك في الصدقات فان أعطوا منها رضوا وان لم يعطوا منها إذا هم يسخطون.
فعجب المأمون من حسن انتزاعه وحضور مراده في وقته، وقال: صدقت يا احمد، وامر باخراجهم. وقال: تحدث ابن طيفور ان المأمون قال لأحمد بن يوسف: اني أريد غسان بن عباد لامر جليل. وكان يريده لولاية السند. لأنه أراد ان يعزل عنها بشر بن داود المهلبي لأشياء عظيمة عتب عليه فيها، وكان المأمون يعلم سوء رأي احمد في غسان بن عباد فقال احمد غسان رجل محاسنه أكثر من مساويه، لا تضرب به طبقة الا انتصف منها مهما خيف عليه فإنه لا يأتي امرا يعتذر منه، لأنه قسم زمانه بين أيام الفضل فجعل لكل مكرمة وقتا فقال له المأمون لقد مدحته على سوء رأيك