التصانيف الحسان في الآداب وكان عالما بارعا انتهى وفي لسان الميزان قال مسلمة كان كثير الرواية للحديث وأيام الناس ولكن غلب عليه الملوك لا يتفرع للناس انتهى وفي معجم الأدباء كان عالما بالعربية واللغة والحديث انتهى وفي فهرست ابن النديم كان طاهر الأخلاق حسن المجالسة وخلط المذهبين (1) وكان مجلسه في مسجد الأنباريين بالغدوات ويتفقه على مذهب داود انتهى وفي معجم الأدباء: ذكره المزرباني في المقتبس فقال: كان من طهارة الأخلاق وحسن المجالسة والصدق فيما يرويه على حال ما شاهدت عليها أحدا ممن لقيناه وكان يقول جلست إلى هذه الأسطوانة منذ خمسين سنة يعني محلته بجامع المدينة وكان حسن الحفظ للقرآن أول ما يبتدي به في مجلسه بمسجد الأنباريين بالغدوات إلى أن يقرئ القرآن على قراءة عاصم ثم الكتب بعده وكان فقيها عالما لمذهب أبي داود الأصبهاني رأسا فيه يسلم له ذلك جميع أصحابه وكان مسندا في الحديث من أهل طبقته ثقة صدوقا لا يتغلق عليه شئ من سائر ما رووه وكان حسن المجالسة للخلفاء والوزراء متقن الحفظ للسيرة وأيام الناس وتواريخ الزمان ووفاة العلماء وكانت له مروة وفتوة وظرف ولقد هجم علينا يوما ونحن في بستان كان له بالزبيدية (2) سنة 320 أو 21 فرآنا على حال تبذل فانقبضت وذهبت اعتذر إليه فقال في ترك التغافل عن التبذل سخف (3) ثم انشدنا لنفسه:
لنا صديق غير عالي الهمم * يحصي على القوم سقاط الكلم ما استمتع الناس بشئ كما * يستمتع الناس بحسم الحشم وحكى ياقوت عن خط الوزير المغربي قال نفطويه اما سائر العلوم فها هنا من يشركنا فيها واما الشعر فإذا مت مات على الحقيقة وقال من أغرب علي ببيت لجرير لا أعرفه فانا عبده.
تشيعه أشار إلى تشيعه ابن حجر في لسان الميزان فإنه قال: قال مسلمة كانت فيه شيعية انتهى وفي روضات الجنات: من كلامه المنبئ عن تشيعه بنقل بعض المواضع المعتبرة أنه قال أكثر الأحاديث المذكورة في فضل الصحابة انما ظهرت في دولة بني أمية وضعوها للتقرب إليهم انتهى وسيأتي في عداد مؤلفاته الرد على من قال بخلق القرآن وفيه موافقة للأشاعرة وقال ياقوت: ذكر الفرغاني أن نفطويه كان يقول بقول الحنابلة أن الاسم هو المسمى وجرت بينه وبين الزجاج مناظرة أنكر عليه موافقة الحنابلة على ذلك. وفي فهرست ابن النديم في ترجمة الواسطي محمد بن زيد أن نفطويه كان يتعاطى الكلام على مذهب الناشي انتهى ومعلوم أن الناشي كان من متكلمي الشيعة وحكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن المدائني في كتاب الأحداث ما ملخصه أن معاوية كتب إلى عماله إن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته فقامت الخطباء يلعنون عليا ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته وكتب إلى عماله أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة وأن يكرموا شيعة عثمان والذين يروون فضائله ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان لما كان يبعثه إليهم من الصلات ثم كتب إلى عماله أن الحديث في عثمان قد كثر فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأولين ولا تتركوا خبرا يروى في أبي تراب الا وائتوني بمناقض له في الصحابة مفتعل فان هذا أحب إلي وادحض لحجة أبي تراب وشيعته فرويت اخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر والقي ذلك إلى معلمي الكتاتيب فعلموه صبيانهم كما يتعلمون القرآن وبناتهم ونساءهم فظهر حديث كثير موضوع ثم قال: وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه وهو من أكابر المحدثين واعلامهم في تاريخه ما يناسب هذا الخبر وقال إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أمية تقربا إليهم بما يظنون أنهم يرغمون به أنوف بني هاشم انتهى.
اخباره قال ابن خلكان: حكى عبد العزيز بن الفضل قال خرج القاضي أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج وأبو بكر محمد بن داود الظاهري وأبو عبد الله نفطويه إلى وليمة دعوا إليها فافضى بهم الطريق إلى مكان ضيق فأراد كل واحد منهم صاحبه أن يتقدم عليه فقال ابن سريج ضيق الطريق يورث سوء الأدب وقال ابن داود لكنه يعرف مقادير الرجال فقال نفطويه إذا استحكمت المودة بطلت التكاليف. وفي معجم الأدباء قرأت في تاريخ خوارزم قال أبو سعد الحمدلجي سمعت نفطويه يقول إذا سلمت على المجوسي فقلت له أطال الله بقاءك وادام سلامتك وأتم نعمته عليك فإنما أريد به الحكاية أي أن الله قد فعل بك هذا إلى هذا الوقت وفي معجم الأدباء عن تاريخ ابن بشران أبي محمد عبيد الله قال كان نفطويه كثير النوادر ومن نوادره: قيل لبهلول في كم يوسوس الإنسان قال ذاك صبيان المحلة. قال وقيل لبعض الشيعة معاوية خالك فقال لا أدري أمي نصرانية والأمر إليه. وفي معجم الأدباء وتاريخ بغداد للخطيب عن أبي بكر بن شاذان قال: بكر نفطويه يوما إلى درب الرواسين فلم يعرف الموضع فتقدم إلى رجل يبيع البقل فقال له أيها الشيخ كيف الطريق إلى درب الرواسين فالتفت البقلي إلى جار له فقال يا فلان أ لا ترى إلى الغلام فعل الله به وصنع فقد احتبس علي قال وما الذي تريد منه قال لم يبادرني فيجيئني بالسلق بأي شئ اصفع هذا العاض بظر امه لا يكني، فتركه وانصرف من غير أن يجيبه بشئ انتهى والظاهر أن هذا البقلي الكامل لم يشأ أن يصفعه الا بالسلق الطري الناعم لا بعصا ولا بيده ولا بنعله محافظة منه على الكمال وحسن الأخلاق. وذكر ياقوت عن الزبيدي قال كان نفطويه مع كونه من أعيان العلماء وعلماء الأعيان غير مكترث باصلاح نفسه فكان يفرط به الصنان فلا يغيره. وقال ياقوت: كان بين نفطويه ومحمد بن داود الأصبهاني مودة أكيدة وتصاف تام فمات محمد بن داود سنة 297 فقال إن نفطويه تفجع عليه وجزع جزعا عظيما ولم يجلس للناس سنة فقيل له في ذلك فقال إنه قال لي يوما وقد تجارينا له في حفظ عهود الأصدقاء أقل ما يجب للصديق أن يتسلى على صديقه سنة عملا بقول لبيد:
إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر ما هجي به قال ابن خلكان: فيه يقول أبو عبد الله محمد بن زيد بن علي بن الحسين الواسطي المتكلم المشهور: