فيها مائة كر دقيقا وألف كر شعيرا، وكان قد فني ما معه من الميرة والعلوفة فقووا بما أخذوه، ووصل يوسف إلى الكوفة بعد وصول القرمطي بيوم واحد فحال بينه وبينها وكان وصوله يوم الجمعة ثامن شوال، فلما وصل إليهم أرسل إليهم يدعوهم إلى طاعة المقتدر فإن أبوا فموعدهم الحرب يوم الأحد.
فقالوا: لا طاعة علينا إلا لله تعالى والموعد بيننا للحرب بكرة غد.
فلما كان الغد ابتدأ أوباش العسكر بالشتم ورمي الحجارة.
رأى يوسف قلة القرامطة فاحتقرهم وقال: إن هؤلاء الكلاب بعد ساعة في يدي.
وتقدم بأن يكتب كتاب الفتح والبشارة بالظفر قبل اللقاء تهاونا بهم وزحف الناس بعضهم إلى بعض، فسمع أبو طاهر أصوات البوقات والزعقات، فقال لصاحب له: ما هذا؟
فقال: فشل.
قال: أجل، لم يزد على هذا.
فاقتتلوا من ضحوة النهار يوم السبت إلى غروب الشمس وصبر الفريقان، فلما رأى أبو طاهر ذلك باشر الحرب بنفسه ومعه جماعة يثق بهم وحمل بهم فطحن أصحاب يوسف ودقهم فانهزموا بين يديه وأسر يوسف وعددا كثيرا من أصحابه، وكان أسره وقت المغرب وحملوه إلى عسكرهم، ووكل به أبو طاهر طبيبا يعالج جراحه، وورد الخبر إلى بغداد بذلك، فخاف الخاص والعام من القرامطة خوفا شديدا وعزموا على الهرب إلى حلوان وهمذان، ودخل المنهزمون بغداد أكثرهم رجالة حفاة عراة، فبرز مؤنس المظفر ليسير إلى الكوفة فأتاهم الخبر بأن القرامطة قد ساروا إلى عين التمر، فأنفذ من بغداد خمسمائة سميرية فيها المقاتلة لتمنعهم من عبور الفرات، وسير جماعة من الجيش إلى الأنبار لحفظها ومنع القرامطة من العبور هنالك.
ثم إن القرامطة عادوا من هيت إلى الكوفة، فبلغ الخبر إلى بغداد فأخرج هارون ابن غريب وبني بن نفيس ونصر الحاجب إليها، ووصلت خيل القرمطي إلى قصر ابن هبيرة فقتلوا منه جماعة، ثم انصرفوا إلى البرية.
وفي سنة 374 ورد إسحق وجعفر البحريان وهما من الستة القرامطة الذين