قال: بلى.
قال: فتنكث بيعتين لأمير المؤمنين وتوفي بواحدة للحائك ابن الحائك، والله لأقتلنك.
قال: إني إذن لسعيد كما سمتني أمي.
فضربت رقبته، فبدر رأسه عليه كمة بيضاء لاطية (1)، فلما سقط رأسه هلل ثلاثا أفصح بمرة ولم يفصح بمرتين.
فلما قتل التبس عقل الحجاج فجعل يقول: قيودنا قيودنا.
فظنوا أنه يريد القيود، فقطعوا رجلي سعيد من أنصاف ساقيه وأخذوا القيود وكان الحجاج إذا نام يراه في منامه يأخذ بمجامع ثوبه فيقول: يا عدو الله فيما قتلتني؟
فيقول: مالي ولسعيد بن جبير مالي ولسعيد بن جبير.
هذا ما ذكره ابن الأثير في خبر قتله (2).
ولكن ابن قتيبة الدينوري في كتاب الإمامة والسياسة، يذكر لنا وجها آخر في ذلك فيقول: وذكروا أن مسلمة بن عبد (الملك) (3) كان واليا على أهل مكة، فبينما هو يخطب على المنبر إذ أقبل خالد بن عبد الله القسري من الشام واليا عليها فدخل المسجد، فلما قضى مسلمة خطبته صعد خالد المنبر، فلما ارتقى في الدرجة الثالثة تحت مسلمة أخرج طومارا مختوما ففضه ثم قرأه على الناس فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى أهل مكة، أما بعد فإني وليت عليكم خالد بن عبد الله القسري فاسمعوا له وأطيعوا، ولا يجعلن امرؤ على نفسه سبيلا، فإنما هو القتل لا غير، وقد برئت الذمة من رجل آوى سعيد بن جبير والسلام.
ثم التفت إليهم خالد وقال: والذي نحلف به ونحج إليه، لا أجده في دار أحد إلا قتلته وهدمت داره ودار كل من جاوره واستبحت حرمته، وقد أجلت لكم فيه ثلاثة