شبث وحرضهم، فرجع إليه منهم جماعة فحملوا على أصحاب نعيم وقد تفرقوا فهزموهم وصبر نعيم فقتل وأسر سعر بن أبي سعر وجماعة من أصحابه، فأطلق العرب وقتل الموالي، وجاء شبث حتى أحاط بالمختار وكان قد وهن لقتل نعيم، وبعث ابن مطيع يزيد بن الحريث بن رؤيم في ألفين فوقفوا في أفواه السكك، وولى المختار يزيد بن أنس خيله وخرج هو في الرجالة، فحملت عليه خيل شبث فلم يبرحوا مكانهم.
فقال لهم يزيد بن أنس: يا معشر الشيعة إنكم كنتم تقتلون وتقطع أيديكم وأرجلكم وتسمل أعينكم وترفعون على جذوع النخل في حب أهل بيت نبيكم وأنتم مقيمون في بيوتكم وطاعة عدوكم، فما ظنكم بهؤلاء القوم إذا ظهروا عليكم اليوم؟ والله لا يدعون منكم عينا تطرف وليقتلنكم صبرا، ولترون منهم في أولادكم وأزواجكم وأموالكم ما الموت خير منه، والله لا ينجيكم منهم إلا الصدق والصبر والطعن الصائب والضرب الدراك، فتهيئوا للحملة.
فتيسروا ينتظرون أمره وجثوا على ركبهم.
وأما إبراهيم بن الأشتر فإنه لقي راشدا فإذا معه أربعة آلاف، فقال إبراهيم لأصحابه: لا يهولنكم كثرة هؤلاء، فوالله لرب رجل خير من عشرة والله مع الصابرين.
وقدم خزيمة بن نصر إليهم في الخيل ونزل هو يمشي في الرجالة، وأخذ إبراهيم يقول لصاحب رايته: تقدم برايتك، إمض بهؤلاء وبها.
اقتتل الناس قتالا شديدا وحمل خزيمة بن نصر العبسي على راشد فقتله، ثم نادى: قتلت راشدا ورب الكعبة.
وانهزم أصحاب راشد، وأقبل إبراهيم وخزيمة ومن معهما بعد قتل راشد نحو المختار، وأرسل البشير إلى المختار بقتل راشد، فكبر هو وأصحابه وقويت نفوسهم، ودخل أصحاب ابن مطيع الفشل، وأرسل ابن مطيع حسان بن قائد بن بكر العبسي في جيش كثيف نحو ألفين، فاعترض إبراهيم ليرده عمن بالسبخة من أصحاب ابن مطيع، فتقدم إليهم إبراهيم فانهزموا من غير قتال، وتأخر حسان يحمي أصحابه فحمل عليه خزيمة فعرفه فقال: يا حسان لولا القرابة لقتلتك فأنج بنفسك.
فعثر به فرسه فوقع فابتدره الناس فقاتل ساعة، فقال له خزيمة: أنت آمن فلا تقتل نفسك.