ثم قال له: «يا ميثم تريد أريك الموضع الذي تصلب فيه والنخلة التي تتعلق عليها وعلى جذعتها؟» قال: نعم يا أمير المؤمنين.
فجاء به إلى رحبة الصيارف وقال له: «ها هنا» ثم أراه نخلة قال له: «على جذع هذه».
فما زال ميثم (رضي الله عنه) يتعاهد تلك النخلة حتى قطعت وشقت نصفين وبقي النصف الآخر، فما زال يتعاهد النصف ويصلي في ذلك الموضع ويقول لبعض جيران الموضع: يا فلان إني أريد أن أجاورك عن قريب فأحسن جواري.
فيقول ذلك الرجل في نفسه: يريد ميثم أن يشتري دارا في جواري، ولا يعلم ما يريد بقوله حتى قبض الإمام علي (عليه السلام) وظفر عبيد الله بن زياد وأصحابه وأخذ ميثم فيمن أخذ وأمر بصلبه، فصلب على ذلك الجذع في ذلك المكان، فلما رأى ذلك الرجل أن ميثما قد صلب في جواره قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم أخبر الناس بقصة ميثم وما قاله في حياته، وما زال ذلك الرجل يتعاهده ويكنس تحت الجذع ويبخره ويصلي عنده ويكرر الرحمة عليه (1).
يحدثنا الكشي في رجاله فيقول: مر ميثم التمار على فرس له، فاستقبل حبيب ابن مظاهر الأسدي الفقعسي عند مجلس بني أسد، فتحدثا حتى اختلفت أعناق فرسيهما ثم قال حبيب: لكأني بشيخ أصلع ضخم البطن يبيع البطيخ عند دار الرزق قد صلب في حب أهل بيت نبيه، تبقر بطنه على الخشبة.
فقال ميثم: وإني لأعرف رجلا أحمر له ضفيرتين يخرج لنصرة ابن بنت نبيه فيقتل ويجال برأسه بالكوفة. ثم افترقا.
فقال أهل المجلس: ما رأينا أحدا أكذب من هذين.
قال: فلم يفترق أهل المجلس حتى أقبل رشيد الهجري فطلبهما فسأل أهل المجلس عنهما فقالوا: افترقا وسمعنا مما يقولان كذا وكذا.
فقال رشيد: رحم الله ميثما نسي: ويزاد في عطاء الذي يجيء بالرأس مائة درهم. ثم أدبر.