إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ٣٥٤
وللبخاري من حديث مروان بن الحكم، ومستورد بن مخرمة... فذكر حديث وفد هوازن إلى أن قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين، فأثنى على الله تعالى بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإن إخوانكم هؤلاء جاؤونا تائبين، وإني [قد] رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب بذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفئ الله علينا فليفعل، فقال الناس: قد طيبنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفعوا إلينا عرفاؤكم أمركم.
فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا (1).

(١) (فتح الباري): ٤ / ٦٠٩، كتاب الوكالة، باب (٧) إذا وهب شيئا لوكيل أو شفيع قوم جاز لقول النبي صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن حين سألوه المغانم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: نصيبي لكم، حديث رقم (٢٣٠٧)، (٢٣٠٨)، وأخرجه في كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب (١٠) من رأى الهبة الغائبة جائزة، حديث رقم (٢٥٨٣)، (٢٥٨٤)، وفي باب (٢٤) إذا وهب جماعة لقوم، حديث رقم (٢٦٠٧) (٢٦٠٨)، وأخرجه في كتاب فرض الخمس، باب (١٥) ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم برضاعه فيهم فتحلل من المسلمين، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعذ الناس أن يعطيهم من الفئ والأنفال من الخمس، وما أعطى الأنصار، وما أعطى جابر بن عبد الله بن من تمر خيبر، حديث رقم (٣١٣١)، (٣١٣٢).
وأخرجه في كتاب المغازي، باب (٥٥) قول الله تعالى: (ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين) [التوبة: ٢٥].
حديث رقم (٤٣١٨)، (٤٣١٩)، وأخرجه في كتاب الأحكام، باب (٢٦) العرفاء للناس، حديث رقم (٧١٧٦)، (٧١٧٧).
قال الحافظ في (الفتح): قال ابن بطال: في الحديث مشروعية إقامة العرفاء لأن الإمام لا يمكنه أن يباشر جميع الأمور بنفسه فيحتاج إلى إقامة من يعاونه لكيفية ما يقيمه فيه، قال:
والأمر والنهي إذا توجه إلى الجميع يقع التوكل فيه من بعضهم فربما وقع التفريط، فإذا أقام على كل قوم عريفا لم يسع كل أحد إلا القيام بما أمره به.
وقال ابن المنير في (الحاشية): يستفاد منه جواز الحكم بالاقرار بغير إشهاد، فإن العرفاء ما أشهدوا على كل فرد شاهدين بالرضا، وإنما أقر الناس عندهم وهم نواب للإمام فاعتبر ذلك. وفيه أن الحاكم يرفع حكمه إلى حاكم آخر مشافهة فينفذه إذا كان كل منهما في محل ولايته. قال الحافظ في (الفتح): وقع في (سير الواقدي): أن أبارهم الغفاري كان يطوف على القبائل حتى جمع العرفاء، واجتمع الأمناء على قول واحد.
وفيه أن الخبر الوارد في ذم العرفاء لا يمنع إقامة العرفاء لأنه محمول - إن ثبت - على أن الغالب على العرفاء الاستطالة، ومجاوزة الحد، وترك الإنصاف المفضي إلى الوقوع في المعصية.
والحديث المذكور أخرجه أبو داود من طريق المقدام بن معد يكرب رفعه: " العرافة حق، ولا بد للناس من عريف، والعرفاء في النار.
" ولأحمد وصححه ابن خزيمة من طريق عباد بن أبي علي عن أبي حازم عن أبي هريرة رفعه: ويل للأمراء، ويل للعرفاء " قال الطيبي: قوله: " والعرفاء في النار " ظاهر أقيم مقام الضمير يشعر بأن العرافة على خطر، ومن باشرها غير أمن من الوقوع في المحذور المفضي إلى العذاب، فهو كقوله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) فينبغي للعاقل أن يكون على حذر منها لئلا يتورط فيما يؤديه إلى النار.
قال الحافظ: ويؤيد هذا التأويل الحديث الآخر حيث توعد الأمراء بما توعد به العرفاء، فدل على أن المراد بذلك الإشارة إلى أن كل من يدخل في ذلك لا يسلم، وأن الكل على خطر، والاستثناء مقدر في الجميع.
وأما قوله: " العرافة حق " فالمراد به أصل نصبهم، فإن المصلحة تقتضيه لما يحتاج إليه الأمير من المعاونة على ما يتعاطاه بنفسه، ويكفي في الاستدلال لذلك وجودهم في العهد النبوي كما دل عليه حديث الباب.
وأخرجه أبو داود في (السنن): ٣ / ١٤١ - ١٤٢، كتاب الجهاد، باب (131) فداء الأسير، حديث رقم (2693).
وأخرجه الإمام أحمد في (المسند): 5 / 428، حديث رقم (18435) من حديث المسور بن مخرمة.
(٣٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 349 350 351 352 353 354 356 357 358 359 360 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته 3
2 عمرة القضاء 17
3 عمرة الجعرانة 22
4 فصل في ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة 25
5 فصل في ذكر من حدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم 38
6 فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته 38
7 وأما الأحاديث الإلهية 46
8 وأما الحكمة وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 48
9 وأما مجيء الجبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51
10 وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة 52
11 وأما الملك الذي نزل بتصويب الحباب 52
12 وأما اجتماعه بالأنبياء ورؤيتهم في ليله الإسراء 53
13 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام 53
14 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الدارس 62
15 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة 68
16 وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة 70
17 فصل في ذكر من حديث وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه 70
18 إسلام الجن وإنذارهم 70
19 وأما الصحابة رضوان الله عليهم 81
20 أما المهاجرون 85
21 ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 87
22 وأما السابقون الأولون 88
23 وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم 91
24 وأما المستضعفون الذين عذبوا في الله 105
25 وأما المهاجرون إلى الحبشة 115
26 وأما من أسلم قبل الفتح 117
27 وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان 121
28 وأما رفقاؤه النجباء 128
29 وأما أهل الفتيا من أصحابه صلى الله عليه وسلم 130
30 فصل في ذكر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم 169
31 فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج بيثرب 171
32 فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج 175
33 فصل في ذكر ما أكرم الله تعالى به الأوس والخزرج 178
34 أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت 184
35 ثم لقى صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بني عبد الأشهل 185
36 وكان من خبر يوم بعاث 187
37 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة 193
38 فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة 204
39 فصل في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقهم في الدين 206
40 عقوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 209
41 فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 221
42 وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم 222
43 فصل في ذكر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم 223
44 فأما اعتذاره عن التخلف 223
45 فصل في ذكر من أستخلفه رسول اله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة 226
46 فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم 228
47 فصل في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب 237
48 فصل في ذكر شورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه 240
49 فصل في ذكر ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا 267
50 فصل في ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها 268
51 فصل في وقت إغارة رسول الله صلى الله عليه وسلم 269
52 فصل في ذكر الوقت الذي يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم 271
53 فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم 272
54 فصل في ذكر شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه 275
55 فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم 277
56 فصل في ذكر ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة 279
57 فصل في ذكر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم على مغانم حروبه 290
58 فصل في ذكر من كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم 301
59 فصل في ذكر من حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره 302
60 فصل في ذكر وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم 318
61 فصل في ذكر صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم 322
62 فصل في ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختم به 335
63 فصل في ذكر ما كان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه 337
64 فصل في ذكر صاحب خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم 338
65 فصل في ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمة العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم 339
66 فصل في ذكر ما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرضية ونحوه 358
67 فصل في ذكر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج 365
68 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية 375
69 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزكاة 376
70 فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم 380
71 فصل في ذكر الخارص على عهد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم 381
72 فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة، ومتوليها له المحتسب 386