إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٩ - الصفحة ١٨٠
وقد أفسد قومه ولفظوه؟ فكان ذلك مما ادخر الله عز وجل للأنصار وأكرمهم به، [من البركة (1)].
فلما توفي أبو طالب ارتد البلاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد ما كان، فعهد إلى ثقيف بالطائف، رجاء أن يؤووه، فوجد ثلاثة نفر، هم ساده ثقيف يومئذ، وهم إخوة: عبد يا ليل بن عمرو، وحبيب بن عمرو، ومسعود بن عمرو، فعرض عليهم نفسه، وشكا إليهم البلاء، وما انتهك منه قومه، فقال أحدهم:
أنا أسرق أستار الكعبة إن كان الله قد بعثك بشئ! وقال الآخر: أعجز الله أن يرسل غيرك؟ وقال الآخر: والله لا أكلمك بعد مجلسك هذا أبدا، والله لئن كنت رسول الله، لأنت أعظم شرفا وحقا من أن أكلمك، ولئن كنت تكذب على الله، لأنت أشر من أن أكلمك، وهزءوا به، وأفشوا في قومهم الذي راجعوه به، وقعدوا له صفين على طريقه، فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين صفيهم، جعلوا لا يرفع رجليه ولا يضعها، إلا رضخوها بالحجارة، حتى دموا رجليه، فخلص منهم وهما يسيلان الدماء.
فعمد إلى حائط من حوائطهم واستظل في ظل حبله (2) منه، [وهو] مكروب موجع، تسيل رجلاه دما، فإذا في الحائط عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، فلما رآهما كره مكانهما، لما يعلم من عداوتهما لله ورسوله، فلما رأياه أرسلا إليه غلاما [لهما] يدعى عداس - هو نصراني من أهل نينوى معه عنب - فلما جاءه عداس، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أي أرض أنت يا عداس؟ قال: أنا من أهل نينوى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مدينة الرجل الصالح يونس بن متى؟ فقال له عداس: وما يدريك من يونس بن متى؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم - وكان لا يحقر أحدا أن يبلغه رسالة ربه -: أنا رسول الله، والله عز وجل أخبرني خبر يونس [بن] متى، فلما أخبره بما أوحى الله إليه من شأن يونس بن متى، خر عداس ساجدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يقبل قدميه وهما يسيلان الدماء، فلما أبصر عتبة وشيبة ما صنع غلامهما، سكتا،

(1) (دلائل أبي نعيم): 1 / 295 حديث قم (221).
(2) الحبلة: شجرة العنب.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في ذكر عمرات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي اعتمرها بعد هجرته 3
2 عمرة القضاء 17
3 عمرة الجعرانة 22
4 فصل في ذكر حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة 25
5 فصل في ذكر من حدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم 38
6 فأما ما أخبر به صلى الله عليه وسلم عن رب العزة جلت قدرته 38
7 وأما الأحاديث الإلهية 46
8 وأما الحكمة وهي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم 48
9 وأما مجيء الجبال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 51
10 وأما إنزال الملك يبشره بالفاتحة وبالآيتين من سورة البقرة 52
11 وأما الملك الذي نزل بتصويب الحباب 52
12 وأما اجتماعه بالأنبياء ورؤيتهم في ليله الإسراء 53
13 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إبراهيم عليه السلام 53
14 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تميم الدارس 62
15 وأما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قس بن ساعدة 68
16 وأما حديثه صلى الله عليه وسلم عن أبي كبشة 70
17 فصل في ذكر من حديث وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه 70
18 إسلام الجن وإنذارهم 70
19 وأما الصحابة رضوان الله عليهم 81
20 أما المهاجرون 85
21 ذكر هجرة الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة 87
22 وأما السابقون الأولون 88
23 وأما الذين أسلموا إلى أن خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من دار الأرقم 91
24 وأما المستضعفون الذين عذبوا في الله 105
25 وأما المهاجرون إلى الحبشة 115
26 وأما من أسلم قبل الفتح 117
27 وأما الذين شهدوا بدرا وبيعة الرضوان 121
28 وأما رفقاؤه النجباء 128
29 وأما أهل الفتيا من أصحابه صلى الله عليه وسلم 130
30 فصل في ذكر أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم 169
31 فصل في ذكر نزول الأوس والخزرج بيثرب 171
32 فصل في ذكر بطون الأوس والخزرج 175
33 فصل في ذكر ما أكرم الله تعالى به الأوس والخزرج 178
34 أول من لقيه من الأوس سويد بن الصامت 184
35 ثم لقى صلى الله عليه وسلم بعد لقاء سويد بن الصامت فتية من بني عبد الأشهل 185
36 وكان من خبر يوم بعاث 187
37 فصل في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة وهجرته إلى المدينة 193
38 فصل في ذكر مواساة الأنصار المهاجرين بأموالهم لما قدموا عليهم المدينة 204
39 فصل في ذكر من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقهم في الدين 206
40 عقوبة من سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 209
41 فصل في التنبيه على شرف مقام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 221
42 وأما وصاياه صلى الله عليه وسلم 222
43 فصل في ذكر أمراء سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم 223
44 فأما اعتذاره عن التخلف 223
45 فصل في ذكر من أستخلفه رسول اله صلى الله عليه وسلم على المدينة في غيبته عنها في غزو، أو حج، أو عمرة 226
46 فصل في ذكر من استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيوشه عند عودته صلى الله عليه وسلم 228
47 فصل في نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعب 237
48 فصل في ذكر شورة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرب وذكر من رجع إلى رأيه 240
49 فصل في ذكر ما كان يقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا 267
50 فصل في ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد غزوة ورى بغيرها 268
51 فصل في وقت إغارة رسول الله صلى الله عليه وسلم 269
52 فصل في ذكر الوقت الذي يقاتل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم 271
53 فصل في ذكر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين في محاربتهم 272
54 فصل في ذكر شعار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حروبه 275
55 فصل في ذكر المغازي التي قاتل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم 277
56 فصل في ذكر ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنيمة 279
57 فصل في ذكر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم على مغانم حروبه 290
58 فصل في ذكر من كان على ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم 301
59 فصل في ذكر من حدا برسول الله صلى الله عليه وسلم في أسفاره 302
60 فصل في ذكر وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم 318
61 فصل في ذكر صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم 322
62 فصل في ذكر خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يختم به 335
63 فصل في ذكر ما كان يختم به رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه 337
64 فصل في ذكر صاحب خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم 338
65 فصل في ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابة الجيش وقسمة العطاء فيهم وعرضهم وعرفائهم 339
66 فصل في ذكر ما أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأرضية ونحوه 358
67 فصل في ذكر أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية والخراج 365
68 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية 375
69 فصل في ذكر عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزكاة 376
70 فصل في ذكر الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم 380
71 فصل في ذكر الخارص على عهد رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم 381
72 فصل في ذكر من ولى السوق في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعرف هذه الولاية اليوم بالحسبة، ومتوليها له المحتسب 386