إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٩
القوم: [ابنة] (1) رسول الله، فقال أبو سفيان: مثل محمد في بني هاشم مثل الريحانة في وسط النتن، فانطلقت المرأة فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء يعرف في وجهه الغضب فقال: ما بال أقوال تبلغني عن أقوام؟! إن الله عز وجل خلق السماوات سبعا، فاختار العلياء منها فأسكنها من شاء من خلقه، ثم خلق الخلق واختار من الخلق بني آدم، واختار من بني آدم العرب، واختار من العرب مضر، واختار من مضر قريشا، واختار من قريش بني هاشم، واختارني من بني هاشم، فأنا من خيار إلى خيار، فمن أحب العرب فبحبي أحبهم، ومن أبغض العرب فببغضي أبغضهم (2).
وخرج البخاري من حديث عبد الواحد، أنبأنا كريم بن وائل، حدثني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم - زينب بنت أبي سلمة - قالت: قلت لها: أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أكان من مضر؟ قالت: فممن كان إلا من مضر؟ من بني النظر بن كنانة (3).

(١) في (خ): " امرأة " وما أثبتناه من المرجع السابق.
(٢) سرده العقيلي في الضعفاء وقال: " لا يتابع عليه "، ومن رواية يزيد بن عوانة، عن محمد بن ذكوان، فيزيد بن عوانة، ضعفه العقيلي، وسرد له الحديث المنكر هذا، وقال: " لا يتابع عليه ". (الميزان):
٤ / ٤٣٦، أما محمد بن ذكوان الأزدي الطائي اتفقوا على ضعفه، قال البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: ليس بثقة ولا يكتب حديثة. وقال ابن حبان: سقط الاحتجاج به.
(٣) أخرجه البخاري في أول كتاب المناقب، باب قول الله تعالى: (يا أيها الذين إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند بالله أتقاكم) [الحجرات: 13]، وقوله:
(واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) [النساء: 1] وما ينهى عن نسب الجاهلية، حديث رقم: (3491)، حدثنا قيس بن حفص، حدثنا عبد الواحد، حدثنا كليب ابن وائل قال: حدثني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم زينب ابنة أبي سلمة قال " قلت لها: أرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أكان من مضر؟ قالت: فممن كان إلا من مضر؟ من بني النضر بن كنانة ".
وحديث رقم (3492)، حدثنا موسى، حدثنا عبد الواحد، حدثنا كليب، حدثني ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم - زينب - قالت: " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء، والختم، والمقير، والمزفت. قلت لها:
أخبريني، النبي صلى الله عليه وسلم ممن كان، من مضر كان؟ قالت: فممن كان إلا من مضر؟ كان من ولد النضر بن كنانة ".
قوله: " مضر "، هو ابن نزار بن معد بن عدنان. والنسب ما بين عدنان إلى إسماعيل بن إبراهيم مختلف فيه كما سيأتي، وأما من النبي صلى الله عليه وسلم إلى عدنان فمتفق عليه. وقال ابن سعد في (الطبقات):
حدثنا هشام بن الكلبي قال: " علمني أني وأنا غلام نسب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب - وهو شيبة الحمد - واسمه هاشم - واسمه عمرو - بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وإليه جماع قريش ".
" وما كان فوق فهر فليس بقرشي بل هو كناني، ابن مالك بن النضر واسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة، واسمه عمرو بن إلياس بن مضر.
وروى الطبراني بإسناد جيد، عن عائشة قالت: " استقام نسب الناس إلى معد بن عدنان "، ومضر بضم الميم وفتح المعجمة، يقال: سمي بذلك لأنه كان مولعا بشرب اللبن الماضر، وهو الحامض، وفيه نظر لأنه يستدعي أنه له اسم غيره قبل أن يتصف بهذه الصفة، نعم يمكن أن يكون هذا اشتقاقه، ولا يلزم أن يكون متصفا به حال التسمية، وهو أول من حدا الإبل.
وروى ابن حبيب في تاريخه عن ابن عباس قال: " مات عدنان، وأبوه، وابنه معد، وربيعة، ومضر، وقيس، وتميم، وأسد وضبة، على الإسلام على ملة إبراهيم عليه السلام.
وروى الزبير بن بكار من وجه آخر، عن ابن عباس رضي الله عنهما: " لا تسبوا مضرا ولا ربيعة، فإنهما كانا مسلمين "، ولابن سعد بن مرسل عبد الله بن خالد، رفعه: " لا تسبوا مضرا فإنه كان قد أسلم "، وقوله: " من بني النضر بن كنانة "، أي المذكور، وروى أحمد وابن سعد، من حديث الأشعث ابن قيس الكندي قال: " قلت: يا رسول الله، أنا نزعم أنكم منا - يعني من اليمن - فقال: نحن بنو النضر بن كنانة ". وروى ابن سعد من حديث عمرو بن العاص، بإسناد فيه ضعف مرفوعا " أنا محمد بن عبد الله، وانتسب حتى بلغ النضر بن كنانة، قال: فمن قال غير ذلك فقد كذب "، وإلى النضر تنتهي أنساب قريش، وسيأتي بيان ذلك في الباب الذي يليه [من أبواب البخاري]، وإلى كنانة منتهى أنساب أهل الحجاز.
وقد روى مسلم من حديث واثلة مرفوعا: " إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى من كنانة، قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم ".
ولابن سعد من مرسل أبي جعفر الباقر: ثم اختار بني هاشم من قريش، ثم اختار بني عبد المطلب من بني هاشم.
قوله: " وأظنها زينب " كأن قائله موسى، لأن قيس بن حفص في الرواية التي قبلها قد جزم بأنها زينب، وشيخهما واحد. لكن أخرجه الإسماعيلي من رواية حبان بن هلال، عن عبد الواحد وقال:
لا أعلمها إلا زينب، فكأن الشك فيه من شيخهم عبد الواحد، وكان يجزم بها تارة، ويشك تارة أخرى.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر مجيء الملك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات ربه تعالى 3
2 ذكر الاختلاف في أول سورة من القرآن أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم 3
3 ذكر الاختلاف في شق صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، متى كان وأين وقع؟ 32
4 ذكر مجيء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الصورة التي خلقه الله عليها 39
5 ذكر كيفية إلقاء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 45
6 ذكر تعليم جبرئيل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء والصلاة 53
7 وأما إقامة جبريل عليه السلام أوقات الصلاة للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمه فيها 60
8 ذكر الجهة التي كان صلى الله عليه وسلم يستقبلها في صلاته 81
9 ذكر من قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الملائكة 94
10 فصل في ذكر الفضائل التي خص الله تعالى بها نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وشرفه بها على جميع الأنبياء 95
11 فأما أنه صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين 96
12 وأما مخاطبة الله له بالنبوة والرسالة، ومخاطبة من عداه من الأنبياء باسمه 105
13 وأما دفع الله عن الرسول صلى الله عليه وسلم ما قرفه به المكذبون، ونهى الله تعالى العباد عن مخاطبته باسمه 108
14 وأما دفع الله تعالى عن النبي صلى الله عليه وسلم ما قرفه المكذبون له 111
15 وأما مغفرة ذنبه من غير ذكره تعالى له خطأ ولا زلة 112
16 وأما أخذ الله تعالى الميثاق على جميع الأنبياء أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وينصروه إن أدركوه 116
17 وأما عموم رسالته إلى الناس جميعا وفرض الإيمان به على الكافة، وأنه لا ينجو أحد من النار حتى يؤمن به صلى الله عليه وسلم 122
18 وأما فرض طاعته، فإذا وجب الإيمان به وتصديقه بما جاء به وجبت طاعته لأن ذلك مما أتى به 132
19 وأما وجوب اتباعه وامتثال سنته والاقتداء بهديه صلى الله عليه وسلم 145
20 وأما أمر الكافة بالتأسي به قولا وفعلا 154
21 وأما اقتران اسم النبي صلى الله عليه وسلم باسم الله تعالى 167
22 وأما تقدم نبوته صلى الله عليه وسلم قبل تمام خلق آدم عليه السلام 169
23 ذكر التنويه بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمن آدم عليه السلام 187
24 وأما شرف أصله، وتكريم حسبه، وطيب مولده صلى الله عليه وسلم 204
25 وأما أن أسماءه خير الأسماء 216
26 وأما قسم الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم 221
27 وأما تفرده بالسيادة يوم القيامة على جميع الأنبياء والرسل وأن آدم ومن دونه تحت لوائه صلى الله عليه وسلم 224
28 فصل في ذكر المفاضلة بين المصطفى وبين إبراهيم الخليل صلوات الله عليهما وسلامه 241
29 وأما اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى يوم الفزع الأكبر 263
30 ذكر المقام المحمود الذي وعد الله تعالى به الرسول صلى الله عليه وسلم 288
31 تنبيه وإرشاد 292
32 إيضاح وتبيان 295
33 وأما حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر 297
34 وأما كثرة أتباعه صلى الله عليه وسلم 309
35 وأما الخمس التي أعطيها صلى الله عليه وسلم 311
36 وأما أنه بعث بجوامع الكلم وأوتي مفاتيح خزان الأرض 315
37 وأما تأييده بقتال الملائكة معه 319
38 وأما أنه خاتم الأنبياء 334
39 وأما أن أمته خير الأمم 338
40 وأما ذكره صلى الله عليه وسلم في كتب الأنبياء وصحفهم وإخبار العلماء بظهوره حتى كانت الأمم تنتظر بعثته صلى الله عليه وسلم 345
41 ثم جاءني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم 378
42 وأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 379
43 ومن إعلامه في التوراة 385
44 ومن إعلامه في التوراة أيضا 386
45 ومن ذكر شعيا له 387
46 ومن ذكر شعيا له 388
47 وفي حكاية يوحنا عن المسيح 390
48 وفي إنجيل متى 391
49 وذكر شعيا طريق مكة فقال: 394
50 وأما سماع الأخبار بنبوته من الجن وأجواف الأصنام ومن الكهان 396