مثل ذلك أن قالوا انه الذي نقلهم وأما القول أيضا بأنهم من حمير من ولد النعمان أو من مضر من ولد قيس بن عيلان فمنكر من القول وقد أبطله امام النسابين والعلماء أبو محمد ابن حزم وقال في كتاب الجمهرة ادعت طوائف من البربر أنهم من اليمن ومن حمير وبعضهم ينسب إلى بربر بن قيس وهذا كله باطل لا شك فيه وما علم النسابون لقيس بن عيلان ابنا اسمه بر أصلا وما كان لحمير طريق إلى بلاد البربر الا في تكاذيب مؤرخي اليمن وأما ما ذهب إليه ابن قتيبة أنهم من ولد جالوت وان جالوت من ولد قيس بن عيلان فابعد عن الصواب فان قيس عيلان من ولد معد وقد قدمنا أن معدا كان معاصرا لبختنصر وان أرمياء النبي خلص به إلى الشام حذرا عليه من بختنصر حين سلط على العرب وبختنصر هو الذي خرب بيت المقدس بعد بناء داود وسليمان إياه بأربعمائة وخمسين سنة ونحوها فيكون معد بعد داود بمثل هذا الأمد فكيف يكون ابنه قيس أبا لجالوت المعاصر لداود هذا في غاية البعد وأظنها غفلة من ابن قتيبة ووهما والحق الذي لا ينبغي التعويل على غيره في شأنهم أنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح كما تقدم في انساب الخليقة وان اسم أبيهم مازيغ واخوتهم اركيش وفلسطين (1) إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام وملكهم جالوت سمة معروفة له وكانت بين فلسطين هؤلاء وبين بنى إسرائيل بالشام حروب مذكورة وكان بنو كنعان وواكريكيش شيعا لفلسطين فلا يقعن في وهمك غير هذا فهو الصحيح الذين لا يعدل عنه ولا خلاف بين نسابة العرب أن شعوب البربر الذي قدمنا ذكرهم كلهم من البربر الاصنهاجة وكتامة فان بين نسابة العرب خلافا والمشهور أنهم من اليمنية وان أفريقش لما غزا إفريقية أنزلهم بها وأما نسابة البربر فيزعمون في بعض شعوبهم أنهم من العرب مثل لواتة يزعمون أنه من حمير ومثل هوارة يزعمون أنهم من كندة من السكاسك ومثل زناتة تزعم نسابتهم أنهم من العمالقة فروا أما بنى إسرائيل وربما يزعمون فيهم أنهم من بقايا التبابعة ومثل عمارة أيضا وزواوة ومكلاتة يزعم في هؤلاء كلهم نسابتهم أنهم من حمير حسبما نذكره عند تفصيل شعوبهم في كل فرقة منهم وهذه كلها مزاعم والحق الذي شهد به المواطن والعجمة أنهم بمعزل عن العرب الا ما تزعمه نسابة العرب في صنهاجة وكتامة وعندي أنهم من إخوانهم والله أعلم وقد انتهى بنا الكلام إلى أنسابهم وأوليتهم فلنرجع إلى تفصيل شعوبهم وذكرهم أمة بعد أمة ونقتصر على ذكر من كانت له منهم دولة ملك أو سالف شهرة أو تشعب نسل في العالم وعدد لهذا العهد وما قبله من صنفي البرانس والبتر منهم وترتيبهم شعبا شعبا حسبما تأدى الينا من ذلك واشتمل عليه محفوظنا والله المستعان
(٩٧)