البداية والنهاية - ابن كثير - ج ٣ - الصفحة ٢١
جبريل من أمامه وهو في صعرته (1) فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا عظيما ملا صدره فقال له جبريل لا تخف يا محمد: جبريل رسول الله جبريل رسول الله إلى أنبيائه ورسله فأيقن بكرامة الله فإنك رسول الله فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمر على شجر ولا حجر إلا هو ساجد يقول السلام عليك يا رسول الله. فاطمأنت نفسه وعرف كرامة الله إياه فلما انتهى إلى زوجته خديجة أبصرت ما بوجهه من تغير لونه فأفزعها ذلك، فقامت إليه فلما دنت منه جعلت تمسح عن وجهه وتقول لعلك لبعض ما كنت ترى وتسمع قبل اليوم، فقال يا خديجة: أرأيت الذي كنت أرى في المنام، والصوت الذي كنت أسمع في اليقظة وأهال منه فإنه جبريل قد استعلن لي وكلمني وأقرأني كلاما فزعت منه ثم عاد إلي فأخبرني أني نبي هذه الأمة، فأقبلت راجعا فأقبلت على شجر وحجارة فقلن السلام عليك يا رسول الله. فقالت خديجة: أبشر فوالله لقد كنت أعلم أن الله لن يفعل بك إلا خيرا وأشهد أنك نبي هذه الأمة الذي تنتظره اليهود، قد أخبرني به ناصح غلامي وبحيرى الراهب، وأمرني أن أتزوجك منذ أكثر من عشرين سنة. فلم تزل برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طعم وشرب وضحك ثم خرجت إلى الراهب وكان قريبا من مكة فلما دنت منه وعرفها. قال: مالك يا سيدة نساء قريش؟ فقالت: أقبلت إليك لتخبرني عن جبريل؟ فقال: سبحان الله ربنا القدوس ما بال جبريل يذكر في هذه البلاد التي يعبد أهلها الأوثان جبريل أمين الله ورسوله إلى أنبيائه ورسله وهو صاحب موسى وعيسى، فعرفت كرامة الله لمحمد ثم أتت عبدا لعتبة بن ربيعة يقال له عداس فسألته فأخبرها بمثل ما أخبرها به الراهب وأزيد. قال: جبريل كان مع موسى حين أغرق الله فرعون وقومه، وكان معه حين كلمه الله على الطور، وهو صاحب عيسى بن مريم الذي أيده الله به. ثم قامت من عنده فاتت ورقة بن نوفل فسألته عن جبريل فقال لها مثل ذلك ثم سألها ما الخبر فأحلفته أن يكتم ما تقول له فحلف لها فقالت له إن ابن عبد الله ذكر لي وهو صادق أحلف بالله ما كذب، ولا كذب أنه نزل عليه جبريل بحراء، وأنه أخبره أنه نبي هذه الأمة، وأقرأه آيات أرسل بها. قال: فذعر ورقة لذلك وقال لئن كان جبريل قد استقرت قدماه على الأرض لقد نزل على خير أهل الأرض، وما نزل إلا على نبي وهو صاحب الأنبياء والرسل، يرسله الله إليهم وقد صدقتك عنه، فأرسلي إلي ابن عبد الله أسأله وأسمع من قوله وأحدثه فإني أخاف أن يكون غير جبريل فإن بعض الشياطين يتشبه به ليضل به بعض بني آدم ويفسدهم حتى يصير الرجل بعد العقل الرضي مدلها مجنونا. فقامت من عنده وهي واثقة بالله أن لا يفعل بصاحبها إلا خيرا فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قال ورقة فأنزل الله تعالى: (ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون) الآيات. فقال لها: كلا والله إنه لجبريل فقالت له أحب أن تأتيه فتخبره لعل الله أن يهديه فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ورقة هذا الذي جاءك جاءك في نور أو ظلمة؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفة جبريل وما رآه من عظمته وما أوحاه إليه. فقال ورقة:

(1) صعرته: أي عظمته.
(٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب كيفية بدء الوحي 5
2 ذكر عمره (ص) وقت بعثته وتاريخها 7
3 فصل 23
4 فصل 25
5 فصل في كيفية بدء إتيان الوحي إلى رسول الله (ص) 29
6 فصل 31
7 فصل 32
8 فصل أول من أسلم من متقدمي الإسلام والصحابة وغيرهم 34
9 إسلام حمزة بن عبد المطلب عم النبي (ص) 44
10 ذكر إسلام أبي ذر رضي الله عنه 45
11 ذكر إسلام ضماد 48
12 باب الأمر بإبلاغ الرسالة 50
13 قصة الأراشي 59
14 فصل 60
15 فصل 62
16 فصل في مبالغتهم في الأذية لآحاد المسلمين المستضعفين 64
17 فصل فيما اعترض به المشركون على رسول الله (ص)... إلخ 65
18 فصل 74
19 باب مجادلة المشركين رسول الله (ص) وإقامة الحجة الدامغة عليهم.. إلخ 78
20 باب هجرة أصحاب رسول الله من مكة إلى أرض الحبشة 84
21 فصل 104
22 فصل 105
23 عزم الصديق على الهجرة إلى الحبشة 117
24 فصل 119
25 نقض الصحيفة 119
26 فصل 123
27 قصة أعشى بن قيس 126
28 قصة مصارعة ركانة - وكيف أراه (ص) الشجرة التي دعاها فأقبلت 128
29 فصل 133
30 فصل 134
31 فصل الإسراء برسول الله (ص) من مكة إلى بيت المقدس 135
32 فصل 145
33 فصل إنشقاق القمر في زمان النبي (ص) 146
34 فصل وفاة أبي طالب عم رسول الله (ص) 151
35 فصل موت خديجة بنت خويلد 156
36 فصل في تزويجه (ص) بعد خديجة بعائشة ثم سودة 160
37 فصل 164
38 فصل في ذهابه (ص) إلى الطائف يدعوهم إلى دين الله 166
39 فصل 168
40 فصل في عرض رسول الله (ص) نفسه الكريمة على أحياء العرب 169
41 فصل قدوم وفد الأنصار عاما بعد عام حتى بايعوا رسول الله (ص) بيعة بعد بيعة ثم بعد ذلك تحول إليهم رسول الله (ص) إلى المدينة 179
42 إسلام إياس بن معاذ 180
43 باب بدء إسلام الأنصار رضي الله عنهم 181
44 قصة بيعة العقبة الثانية 192
45 فصل 203
46 باب الهجرة من مكة إلى المدينة 206
47 فصل في سبب هجرة رسول الله (ص) بنفسه الكريمة 214
48 باب هجرة رسول الله (ص) بنفسه الكريمة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه 217
49 فصل في دخوله (ع) المدينة وأين استقر منزله 240
50 فصل 249
51 وقائع السنة الأولى من الهجرة 251
52 فصل 254
53 فصل في إسلام عبد الله بن سلام 255
54 فصل 258
55 ذكر خطبة رسول الله (ص) يومئذ 259
56 فصل في بناء مسجده الشريف ومقامه بدار أبي أيوب 261
57 تنبيه على فضل هذا المسجد الشريف 266
58 فصل 267
59 فصل فيما أصاب المهاجرين من حمى المدينة 268
60 فصل في عقده (ع) الألفة بين المهاجرين والأنصار بالكتاب الذي أمر به فكتب بينهم، والمؤاخاة التي أمرهم بها وقررها عليهم وموادعته اليهود الذين كانوا بالمدينة 272
61 فصل في مؤاخاة النبي (ص) بين المهاجرين والأنصار 277
62 فصل 280
63 فصل في ميلاد عبد الله بن الزبير في شوال سنة الهجرة 282
64 فصل وبنى رسول الله (ص) بعائشة في شوال من هذه السنة 282
65 فصل 283
66 فصل في الأذان ومشروعيته 284
67 فصل في سرية حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه 286
68 فصل في سرية عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب 287
69 فصل 287
70 فصل 288
71 ذكر ما وقع في السنة الثانية من الهجرة 289
72 كتاب المغازي 289
73 فصل 291
74 فصل 294
75 فصل أول المغازي وهي غزوة الأبواء أو غزوة ودان 295
76 غزوة بواط من ناحية رضوى 301
77 غزوة بدر الأولى 303
78 باب سرية عبد الله بن جحش 304
79 فصل في تحويل القبلة في سنة ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر 308
80 فصل في فريضة شهر رمضان سنة ثنتين قبل وقعة بدر 311
81 غزوة بدر العظمى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان 313
82 مقتل أبي البختري بن هشام 348
83 فصل في مقتل أمية بن خلف 349
84 مقتل أبي جهل لعنه الله 350
85 رده (ع) عين قتادة 355
86 فصل قصة أخرى شبيهة بها 356
87 طرح رؤوس الكفر في بئر يوم بدر 357
88 فصل 361
89 فصل 365
90 فصل 367
91 فصل 369
92 مقتل النضر بن الحارث وعقبة بن أبي لعنهما الله 372
93 ذكر فرح النجاشي بوقعة بدر 374
94 وصول خبر مصاب أهل بدر إلى أهاليهم بمكة 375
95 بعث قريش إلى رسول الله (ص) فداء أسراهم 377
96 فصل 382
97 فصل 383
98 أسماء أهل بدر مرتبة على حروف المعجم - 383
99 حرف الألف 383
100 حرف الباء 384
101 حرف التاء 384
102 حرف الثاء 384
103 حرف الجيم 385
104 حرف الحاء 385
105 حرف الخاء 386
106 حرف الذال 386
107 حرف الراء 387
108 حرف الزاي 387
109 حرف السين 387
110 حرف الشين 388
111 حرف الصاد 388
112 حرف الضاد 388
113 حرف الطاء 389
114 حرف الظاء 389
115 حرف العين 389
116 حرف الغين 391
117 حرف الفاء 391
118 حرف القاف 392
119 حرف الكاف 392
120 حرف الميم 392
121 حرف النون 393
122 حرف الهاء 393
123 حرف الواو 393
124 حرف الياء 394
125 باب الكنى 394
126 فصل 394
127 فصل في فضل من شهد بدرا من المسلمين 398
128 قدوم زينب بنت الرسول (ص) من مكة إلى المدينة 399
129 ما قيل من الأشعار في بدر العظمى 403
130 فصل 411
131 فصل في غزوة بني سليم سنة ثنتين من الهجرة 415
132 فصل جمل من الحوادث سنة ثنتين من الهجرة 419