الدباء قال أبو هريرة وهيأ الله له أروية (1) وحشية تأكل من خشاش (2) الأرض أو قال هشاش الأرض. قال فتنفشخ (3) عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتا من شعره:
فأنبت يقطينا عليه برحمة * من الله لولا الله أصبح ضاويا وهذا غريب أيضا من هذا الوجه ويزيد الرقاشي ضعيف ولكن يتقوى بحديث أبي هريرة المتقدم كما يتقوى ذاك بهذا والله أعلم. وقد قال الله تعالى (فنبذناه) أي ألقيناه (بالعراء) وهو المكان القفر الذي ليس فيه شئ من الأشجار بل هو عار منها (وهو سقيم) أي ضعيف البدن * قال ابن مسعود كهيئة الفرخ ليس عليه ريش * وقال ابن عباس والسدي وابن زيد كهيئة الضبي حين يولد وهو المنفرش ليس عليه شئ وأنبتنا عليه شجرة من يقطين، قال ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وهلال بن يساف وعبد الله بن طاوس والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخرساني وغير واحد: هو القرع.
قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حكم جمة; منها أن ورقه في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره، نيا ومطبوخا وبقشره وببزره أيضا. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك (4). وتقدم كلام أبي هريرة في تسخير الله تعالى له تلك الأروية التي كانت ترضعه لبنها وترعى في البرية وتأتيه بكرة وعشية. وهذا من رحمة الله به ونعمته عليه وإحسانه إليه ولهذا قال تعالى (فاستجبنا له فنجيناه من الغم) أي الكرب والضيق الذي كان فيه (وكذلك ننجي المؤمنين) أي وهذا صنيعنا بكل من دعانا واستجار بنا * قال ابن جرير حدثني عمران بن بكار الكلاعي حدثنا يحيى بن صالح حدثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن حدثني بشر بن منصور عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال سمعت سعد بن مالك وهو ابن أبي وقاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اسم الله الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى " قال: فقلت: يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟
قال: " هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها. ألم تسمع قول الله تعالى: (فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) فهو شرط من الله لمن دعاه به ". وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن حنطب قال: * قال أبو خالد: أحسبه