فوات الوفيات - الكتبي - ج ٢ - الصفحة ٦٨٥
* لبست جنان النيربين محاسنا * وقفت عليها كل طرف يرمق * * فحمامها غرد ونبت رياضها * خضل وركب نسيمها مترفق * * وسرت لداريا المعطر تربها * ريا ذكي المسك منها يعبق * * وترى من الغزلان في ميدانها * فرقا أسود الغيل منها تفرق * * من كل وسنان الجفون محبه * سهران من وجد عليه مؤرق * * حيث الهوى في جانبيه مخيم * وخيول فرسان الشبيبة تعنق * * والقاصدون إليه إما شائق * متنزة أو عاشق متشوق * * صنفان هذا باسم عن ثغره * عجبا وهذا بالمدامع يشرق * * هذى المنازل لا ' أثيلات الحمى ' * بعدا لهن ولا ' اللوى ' و ' الأبرق ' * * لا تخدعن فما اللذاذة والهوى * ومواطن الأفراح إلا ' جلق ' * هذه الخدمة - حرس الله مجد المجلس العالي وجعل السعادة من صحبه والأيام من حزبه والمكرمات من كسبه واهدى القرة إلى طرفه والمسرة إلى قلبه وأوجب له لباس الإقبال ولا روعه بسلبه وعوض عن الوحشة ببعده الإيناس بقربه - نائبة عن مسطرها في تقبيل يده الكريمة ووصف مسراته النازحة وأحزانه المقيمة وشكاية ما أجداه البعد من تحرقه وتلهفه ووفرته الغيبة من تشوقه إلى الحضرة السامية وتشوفه هذا مع أن الذكرى تمثل شخصه فلا يكاد يغيب ويناجيه الخاطر وهو بعيد كمناجته وهو قريب وبحسب ذلك أورد هذه الخدمة مطولا وأفاض فيها مسترسلا متأنسا بمفاوضته ومتذكرا أوقات محاضرته وراغبا أن يريه ' دمشق ' بعين وصفه ويثبت نعتها لديه فكأنها حيال طرفه وأول ما يبدأ بوصف الرحلة إليها ويقول: إن الزمان صورها للنظر قبل الإشراف عليها فقدمناها والفصل ربيع ومنظر الروض بديع والربا مخضرة أكنافها مائسة أعطافها تبكى بها عيون السحاب فتتبسم وتخلع عليها ملابس الشباب فتتقمص وتتعمم فما أتينا على مكان إلا وجدنا غيره أحق بالثناء وأجدر ولا أفل بدر من الزهر إلا بزغت شمس فقلنا هذا أكبر حتى إذا بلغت النفس أمنيتها وأقبلنا على ' دمشق ' فقبلنا ثنيتها رأينا منظرا يقصر عنه المتوهم ويملأ عين الناظر المتوسم ظل ظليل ونسيم عليل ومغنى بنهاية الحسن كفيل يطوى الحزن بنشره ويقف قدر البلدان دون قدره فيصغر عند صفته
(٦٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 680 681 682 683 684 685 686 687 688 689 690 ... » »»