الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١٨ - الصفحة ١٠
نقلت من خط شهاب الدين القوصي من معجمه قال لما اجتمعت به بحلب في شهور سنة تسع وتسعين وخمس مائة وقلت له إن المولى السلطان الملك العادل ما يعتمد في تشديد أمور سلطانه إلا عليك ولا يفوض إصلاح ذات البين إلا إليك فقال تخدم عني مولانا السلطان عز نصره وتنهي إليه أن حالي وحال مخدومي عبرت عن حقيقتهما بهذين البيتين وأنشدنيهما وهما لقمر الدولة أبي طاهر جعفر بن دواس المصري الطويل * فإني والمولى الذي أنا عبده * طريفان في أمر له طرفان * * تراني قريبا منه أبعد ما ترى * كأني يوم العيد من رمضان * فاستحسنت منه هذا المعنى الذي قصده والاعتذار الذي ضمنه في الشعر الذي أورده وقال كان هذا الوزير عالما فاضلا رئيسا في أفعاله وأقواله كاملا وبعد انفصاله من الوزارة الظاهرية بحلب قصد بلاد الروم وبلغ من صاحبها من الكرامة كل مطلوب ومروم وقال ابن أنجب هو أبو المظفر البغداذي الأصل الموصلي المولد فاضل أخذ بأطراف العلوم وصنف كتابا سماه نخبة الكلم وروضة الحكم سار إلى حلب واتصل بالملك الظاهر غازي ورتبه مشرفا بديوان حلب ثم ولاه الوزارة وكان أهل حلب يثنون عليه ويحمدون سيرته ثم إنهم صاروا يذمونه ويسيئون الثناء عليه وذلك بعد موت الظاهر فإنه كان على حاله في الوزارة ومد يده وأخذ الأموال وصنف كتابا سماه تجنب الحرام والتورع عن الآثام توفي رحمه الله بحلب في أواخر الأيام المستنصرية كتب إليه محمد بن عبد الله الهاشمي يعتذر عن تأخره الخفيف * حال دون الوزير وحل وبرد * وسحاب يروح طورا ويغدو * * وظلام كأنه وجه نضر * وسجاياه حين يطلب رفد * * فاعذر العبد إن تأخر أو قص * ر وزيرا إحسانه لا يعد * * وابق في نعمة تدوم على الده * ر إلى أن يرى لمجدك ند * فكتب إليه الوزير أبو المظفر الخفيف * أيها السيد الشريف المود * قد تغشى القلوب بعدك وجد * * لم يكن عاقك اللقاء لغيث * فلقاء الليوث ما لا يصد * * غير أن الحواس تطلب حظا * من خليل آلاؤه لا تحد) * (فابق للفضل قدوة وإماما * ما تراقى لأهل بيتك مجد *
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»