الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١ - الصفحة ٨٢
أن إسلامه كان عند حضور جعفر ابن أبي طالب وأصحابه وروى أنه كان لا يزال النور يرى على قبره وأرسل دحية ابن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم واسمه هرقل فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنده صحة نبوته فهم بالإسلام فلم توافقه الروم وخافهم على ملكه فأمسك وأرسل عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس فمزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مزق الله ملكه فمزق الله ملكه وملك قومه وأرسل حاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر فقال خيرا وقارب الأمر ولم يسلم وأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية وأختها شيرين فوهبها لحسان بن ثابت الأنصاري فولدت له عبد الرحمن بن حسان وأرسل عمرو بن العاص إلى ملكي عمان جيفر وعبد ابني الجلندي وهما من الأزد والملك جيفر فأسلما وصدقا وخليا بين عمرو والصدقة والحكم فيما بينهم فلم يزل عندهم حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرسل سليط بن عمرو العامري إلى اليمامة إلى هوذة بن علي الحنفي فأكرمه وأنزله وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا خطيب قومي وشاعرهم فاجعل لي بعض الأمر فأبى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم ومات زمن الفتح وأرسل شجاع بن وهب الأسدي إلى الحرث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من ارض الشام قال شجاع فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق فقرأ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ورمى به وقال أنا سائر إليه وعزم على ذلك فمنعه قيصر وأرسل المهاجر بن أبي أمية إلى الحرث الحميري أحد مقاولة اليمن وأرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين وكتب له كتابا يدعوه إلى الإسلام فآمن وصدق وأرسل أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل الأنصاري رضي الله عنهما إلى جملة اليمن داعيين إلى الإسلام فأسلم عامة أهل اليمن وملكوهم طوعا نبذة من معجزاته وآياته صلى الله عليه وسلم منها القرآن العظيم وهو أكبرها الذي دعا به بلغاء قريش وهم ما هم قاله البلاغة ولسن الفصاحة لهم من آفاق ذلك قمراها والنجوم والطوالع ودعا غيرهم مذ بعثه الله تعالى قرنا فقرنا وجيلا بعد جيل إلى يومنا هذا وإلى البعث والنشور على أن يأتوا بعشر سور مثله مفتريات وتنازل معهم إلى الإتيان بسورة من مثله وفي السور ما هو ثلاث آيات وتحدى به الإنس والجن فلم يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ونكصوا على أعقابهم خائبين وذهب كل نبي بمعجزاته ولم يبق لها أثر ظاهر خلى الروايات عنها والأخبار وأبقى لنا صلى الله عليه وسلم معجزا خالدا بين ظهرانينا إلى يوم القيامة بعد ذهابه لا تنكسف شموسه ولا تذوي زهراته وانشقاق القمر روى مسلم والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه قال انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقتين فستر الجبل فلقة وكانت فلقة فوق الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد وروى الترمذي عن جبير بن مطعم قال انشق القمر على عهد رسول الله فصار فرقتين فقالت قريش سحر محمد أعيننا فقال بعضهم لئن كان سحرنا ما يستطيع أن يسحر الناس كلهم وزاد رزين فكانوا يتلقون الركبان فيخبرونهم بأنهم قد رأوه فيكذبونهم وما أحقه صلى الله عليه وسلم بقول أبي الطيب الطويل متى ما يشر نحو السماء بطرفه تخر له الشعر وينكسف البدر وإن الملأ من قريش تعاقدوا على قتله فخرج عليهم فخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في صدورهم وأقبل حتى قام على رؤوسهم فقبض قبضة من تراب وقال شاهدت الوجوم وحصبهم فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصباء إلا قتل يوم بدر ورمى يوم حنين بقبضة من تراب في وجوه القوم فهزمهم الله تعالى ونسج العنكبوت في الغار وما كان من أمر سراقة بن مالك إذ بعث خلفه في الهجرة فساخت قوائم فرسه في الأرض الجلد ومسح على ظهر عناق لم ينز عليها الفحل فدرت وشاة أم معبد ودعوته لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يعز الله به الإسلام ودعوته لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يذهب عنه الحر والبرد وتفله في عينيه وهو أرمد فعوفي من ساعته ولم يرمد بعد ذلك ورده عين قتادة بن النعمان بعد أن سالت على خده فكانت أحسن عينيه وأحدهما ودعاؤه لعبد الله بن عباس بالتأويل والفقه في الدين وكان يسمى الحبر والبحر لعلمه ودعاؤه لجمل جابر فصار سابقا بعد أن كان مسبوقا ودعاؤه لأنس بن مالك بطول العمر وكثرة المال والولد فعاش مائة سنة أو نحوها وولد له مائة وعشرون ولدا ذكرا لصلبه وكان نخله يحمل في السنة مرتين وفي تمر جابر بالبركة فأوفى غرماءه وفضل ثلاثة عشر وسقا واستسقاؤه عليه السلام فمطروا أسبوعا ثم استصحاؤه فانجابت السحاب الكامل وإذا النوائب أظلمت أحداثها لبست بوجهك أحسن الإشراق ودعاؤه على عتبة بن أبي لهب فأكله الأسد بالزرقاء من الشام وشهادة الشجرة له بالرسالة في خبر الأعرابي الذي دعاه إلى الإسلام فقال هل من شاهد على ما تقول فقال نعم هذه الشجرة ثم دعاها فأقبلت فاستشهدها فشهدت أنه كما قال ثلاثا ثم رجعت إلى منبتها وأمره شجرتين فاجتمعتا ثم افترقتا وأمره أنسا أن ينطلق إلى نخلات فيقول لهن أمركن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجتمعن فاجتمعن فلما قضى حاجته أمره أن يأمرهن بالعود إلى أماكنهن فعدن ونام فجاءت شجرة تشق الأرض حتى قامت عليه فلما استيقظ ذكرت له فقال هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم علي فأذن لها وسلام الحجر والشجر عليه ليالي بعث السلام عليك يا رسول الله وقوله إني لا أعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث وحنين الجذع إليه وتسبيح الحصى في كفه وكذلك الطعام وإعلامه الشاة بسمها وشكوى البعير إليه كثرة العمل وقلة العلف وسؤال الظبية له أن يخلصها من الحبل لترضع وليدها وتعود فخلصها فتلفظت بالشهادتين وإخباره عن مصارع المشركين يوم بدر فلم يعد أحد منهم مصرعه وإخباره أن طائفة من أمته يغزون في البحر وإن أم حرام بنت ملحان منهم فكان كذلك وقوله لعثمان رضي الله عنه تصيبه بلوى شديدة فكانت وقتل وقوله للأنصار إنكم ستلقون بعدي أثره فكانت زمن معاوية وقوله في الحسن أن ابني هذا سيد وأن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين وإخباره بقتل العنسي الكذاب وهو بصنعاء ليلة قتله وبمن قتله وقوله لثابت بن قيس تعيش حميدا وتقتل شهيدا فقتل يوم اليمامة ولما ارتد رجل من المسلمين ولحق بالمشركين بلغه أنه مات فقال لا استطعت فلم يطق أ يرفعها إلا فيه بعد ودخوله مكة عام الفتح والأصنام حول الكعبة معلقة وبيده قضيب فجعل يشير إليها به ويقول جاء الحق وزهق الباطل وهي تتساقط وقص مازن بن الغضوبة الطائي وسواد بن قارب وأمثالهما وشهادة الضب بنبوته وإطعام ألف من صاع شعير بالخندق فشبعوا والطعام أكثر مما كان وأطعمهم من تمر يسير وجمع فضل الأزواد على النطع ودعا لها بالبركة ثم قسمها في العسكر فقامت بهم وأتاه أبو هريرة بتمرات قد صفهن في يده وقال ادع لي فيهن بالبركة قال أبو هريرة فأخرجت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله وكنا نأكل منه ونطعم حتى انقطع في زمن عثمان ودعاؤه أهل الصفة لقصعه ثريد قال أبو هريرة فجعلت أتطاول ليدعوني حتى قام القوم وليس في القصعة إلا اليسير في نواحيها فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار لقمة ووضعها على أصابعه وقال كل باسم الله فوالذي نفسي بيده ما زلت آكل منها حتى شبعت وأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يزود أربع مائة راكب من تمر كان في اجتماعه كربضة البعير فزودهم كلهم منه وبقي بحسبه كما كان ونبع الماء من بين أصابعه حتى شرب القوم وتوضؤوا وهم ألف وأربعمائة وأتي بقدح فيه ماء فوضع أصابعه في القدح فلم ييع فوضع أربعة منها وقال هلموا فتوضؤوا أجمعين وهم من السبعين إلى الثمانين وورد في غزوة تبوك على ماء لا يروي واحدا والقوم عطاش فشكوا إليه فأخذ سهما من كنانته فغرسه فيها ففار الماء وارتوى القوم وكانوا ثلاثين ألفا وشكى إليه قوم ملوحة في مائهم فجاء في نفر من أصحابه حتى وقف على بئرهم فتفل فيه فتفجر بالماء العذب المعين وأتته امرأة بصبي لها أقرع فمسح على رأسه فاستوى شعره وذهب داؤه فسمع أهل اليمامة بذلك فأتت امرا إلى مسيلمة بصبي فمسح رأسه فتصلع وبقي الصلع في نسله وانكسر سيف عكاشة يوم بدر فأعطاه جذلا من حطب فصار في يده سيفا ولم يزل بعد ذلك عنده وعزت كدية بالخندق عن أن يأخذها المعول فضربها فصارت كثيبا أهيل ومسح على رجل أبي رافع وقد انكسرت فكأنه لم يشكها قط وقوله صلى الله عليه وسلم إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها وصدق الله قوله بأن ملك أمته بلغ أقصى المشرق والمغرب ولم ينتشر في الجنوب ولا في الشمال وأخبر عن الشيماء بنت بقيلة الأزدية أنها رفعت له في خمار أسود على بغلة شهباء فأخذت في زمن أبي بكر الصديق رضي الله عنه في جيش خالد بن الوليد بهذه الصفة وقال لرجل ممن يدعي الإسلام وهو معه في
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 82 87 88 89 90 ... » »»