الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١ - الصفحة ٧٢
وعلى جمع الحطب فقالوا يا رسول الله نحن نكفيك فقال قد علمت أنكم تكفونني ولكني أكره أن أتميز عليكم فإن الله يكره من عبده أن يراه متميزا بين أصحابه وقام فجمع الحطب وكان في سفر فنزل إلى الصلاة ثم كر راجعا فقيل يا رسول الله أين تريد فقال اعقل ناقتي فقالوا نحن نعقلها قال لا يستعن أحدكم بالناس ولو في قضمة من سواك وكان لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث انتهى به المجلس ويأمر بذلك ويعطى كل جلسائه نصيبه لا يحسب جليسه أن أحدا أكرم عليه منه وإذا جلس إليه أحدهم لم يقم صلى الله عليه وسلم حتى يقوم الذي جلس إليه إلا أن يستعجله أمر فيستأذنه ولا يقابل أحدا بما يكره ولا يجزى السيئة بمثلها بل يعفو ويصفح وكان يعود المرضى ويحب المساكين ويجالسهم ويشهد جنائزهم ولا يحقر فقيرا لفقره ولا يهاب ملكا لملكه يعظم النعمة وإن قلت لا يذم منها شيئا ما عاب طعاما قط أن اشتهاه أكله وألا تركه وكان يحفظ جاره ويكرم ضيفه وكان أكثر الناس تبسما وأحسنهم بشرا لا يمضي له وقت في غير عمل الله أو في ما لابد منه وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما إلا أن يكون فيه قطيعة رحم فيكون أبعد الناس منه يخصف نعله ويرقع ثوبه ويركب الفرس والبغل والحمار ويردف خلفه عبده أو غيره ويمسح وجه فرسه بطرف كمه أو بطرف ردائه وكان يحب الفأل ويكره الطيرة وإذا جاءه ما يحب قال الحمد لله رب العالمين وإذا جاءه ما يكره قال الحمد لله على كل حال وإذا رفع الطعام من بين يديه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وآوانا وجعلنا مسلمين وأكثر جلوسه مستقبل القبلة يكثر الذكر) ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة ويستغفر في المجلس الواحد مائة مرة وكان يسمع لصدره وهو في الصلاة أزيز كأزيز المرجل من البكاء وكان يقوم حتى ترم قدماه وكان يصوم الاثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر وعاشوراء وقلما كان يفطر يوم الجمعة وأكثر صيامه في شعبان وفي الصحيحين رواية أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم وكان عليه السلام تنام عيناه ولا ينام قلبه انتظارا للوحي وإذا نام نفخ ولا يغط وإذا رأى في منامه ما يكره قال هو الله لا شريك له وإذا أخذ مضجعه قال رب قني عذابك يوم تبعث عبادك وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»