الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ١ - الصفحة ٢٠٦
وأنشدني من لفظه لنفسه في أواخر صفر سنة ثمان وأربعين وسبع مائة بدمشق المحروسة يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم البسيط * جوانحي لسواكم قط ما جنحت * فما لها جرحت من غير ما اجترحت * * أهكذا كل صب باع مهجته * في حبكم غير برح الشوق ما ربحت * * ضاقت لبينكم الدنيا بما رحبت * على حشى من جوى التبريح ما برحت * * فيا لنفس على جمر الغضا سحبت * ومقلة في بحار الدمع قد سبحت * * قرت بقربكم حينا وقد فرحت * لكنها اليوم بعد البعد قد قرحت * * رامت برامة كتمان الغرام فمذ * بدا لها ريمها في دمعها افتضحت * * رأت مسارح غزلان النقا سنحت * بين الرياض وورق الأيك قد صدحت * * رأت قباب الذي في كفه نطقت * صم الحصا وعيون الماء قد سرحت) * (الهاشمي الذي لو نفسه وزنت * بالأنبياء وأملاك السما رجحت * * لولاه ما طلعت شمس ولا غربت * كلا ولا دحيت أرض ولا سطحت * * ولا السماء سمت ولا الجبال رست * ولا البحار طمت ولا الصبا نفحت * * ولا الحياة حلت ولا الغيوث همت * ولا الجنان زهت ولا لظى لفحت * * أنوار غرته لو أنها لمحت * لوح الدجى إذ سجى مسوده لمحت * * وإن بدا مطرقا للرأس من خفر * تخال عذراء من فرط الحيا أتشحت * * تبدي أساريره معنى سرائره * في النفس إن فرحت يوما وإن ترحت * * عوذت بالليل إذ يغشى ذوائبه * وفرقه بالضحى والشمس إذ وضحت * * من قاس بالمزن جدوى راحتيه فقد * أخطأ القياس فروق الفضل قد وضحت * * يداه بالدر تجدي وهو مبتسم * والسحب تبكي وتجدي الدر إن سمحت * * يمناه ما صفحت لسائل منحا * وكم عن المذنب الخطاء قد صفحت * * فكم فدت وودت وأوجلت وجلت * وأوكست وكست وأثبتت ومحت * * ودارسا عمرت وعامرا درست * وبائسا رحمت وفارسا رمحت * * وكم لهى فتحت بالحمد إذ منحت * لهى بها سمحت وكم ندى رشحت * * وقيدت نعما وأطلقت نعما * وقلدت مننا ومائنا نصحت * * وكم شفت عللا وكم روت غللا * وكم هدت سبلا لولاه ما فتحت * * وكم لأحمد خير الخلق من شيم * كشامة لمحت في وجنة ملحت * * عدل وحلم وأغضاء ومرحمة * وعفة وغني نفس به منحت *
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»