تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٥١ - الصفحة ١٤
سنة أربع وثمانين وستمائة [فتح حصن المرقب] في أولها خرج الملك المنصور إلى الشام، ثم قصد حصار المرقب في صفر، وتقدمت المجانيق، ونازل الحصن في عاشر صفر، فلما انتهت ستارة المنجنيق المقابل لباب الحصن سقطت إلى بركة كبيرة كان عليها جماعة من أصحاب علم الدين الدواداري، منهم أستاذ داره، فاستشهدوا، ثم طلب الإسبتار الصلح، فلم يجبهم السلطان، ورماهم بالمنجنيق، وهدم بعض الأبرجة، واستمر الحصار إلى سادس عشر ربيع الأول، فزحف الجيش على المرقب، فأذعنوا بتسليمه، وراسلوا بذلك، فأجيبوا، ثم رفعت عليه أعلام السلطان يوم الجمعة ثامن عشر الشهر. وجهز السلطان معهم من وصلهم إلى أنطرطوس. وكانت مرقية بالقرب من المرقب على البحر، وكان صاحبها قد بنى على البحر برجا عظيما لا يناله النشاب، فاتفق حضور رسل صاحب طرابلس يطلب رضى السلطان، فاقترح عليه خراب البرج المذكور وإحضار من أسره من الجبليين الذين كانوا مع صاحب جبيل، فأحضر من كان حيا منهم، واعتذر عن البرج فإنه ليس له. فلم يقبل عذره، فقيل إنه اشتراه من صاحبه بمال وعدة قرى وهدمه، وحصل للاستيلاء على المرقب ومرقية وبانياس، وعمروا ما تشعث من المرقب، وكان لبيت الإسبتار، ولم يتهيأ للسلطان صلاح الدين فتحه.
وممن شهد فتحه القاضي نجم الدين ابن الشيخ، وأخوه العز، وشيخنا العز ابن العماد، وشمس الدين ابن الكمال، وابنه، وشمس الدين ابن حمزة.
وبلغني أن صلاح الدين وقف عليهم جماعيل على أن يشهدوا الغزاة مع المسلمين، فلذلك يخرجون في مثل هذه الغزوات.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»