تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٨ - الصفحة ٢٠
زلزلت مرة ونحن حول الحجرة النبوية، فاضطرب لها المنبر والقناديل. ثم طلع في رأس أخيلين نار عظيمة مثل المدينة المعظمة، وما بانت لنا إلا ليلة السبت وأشفقنا منها.
وطلعت إلى الأمير وكلمته وقلت: قد أحاط بنا العذاب، ارجع إلى الله.
فأعتق كل مماليكه ورد على جماعة أموالهم. فلما فعل ذلك قلت: اهبط معنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فهبط وبتنا ليلة السبت، الناس جميعهم والنسوان وأولادهن، وما بقي أحد لا في النخل ولا في المدينة إلا عند النبي صلى الله عليه وسلم، وأشفقنا منها، وظهر ضوءها إلى أن أبصرت من مكة، ومن الفلاة جميعها. ثم سال منها نهر من نار، وأخذ في وادي أخيلين وسد الطريق، ثم طلع إلى بحرة الحاج، وهو بحر نار يجري وفوقه حرة تسير إلى أن قطعت وادي الشظاه، وما عاد يجيء في الوادي سيل قط لأنها حرة، تجيء قامتين وثلاث علوها.
والله يا أخي إن عيشتنا اليوم مكدرة، والمدينة قد تاب أهلها ولا بقي يسمع فيها رباب ولا دف ولا شرب. وتمت النار تسير إلى أن سدت بعض طريق الحاج، وكان في الوادي إلينا منها قتير، وخفنا أن تجيئنا، واجتمع الناس وباتوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد طفئ قتيرها الذي يلينا بقدرة الله عز
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»