تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٩ - الصفحة ٣٧٥
أخذه من البلدان تسلمه بالأمان. وكان كلما فتح الله عليه فتحا، وزاده ولاية، أسقط عن رعيته قسطا، حتى ارتفعت عنهم الظلامات والمكوس، وآتضعت في جميع ولايته الغرامات والنحوس.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: نور الدين ولي الشام سنين، وجاهد الثغور، وانتزع من أيدي الكفار نيفا وخمسين مدينة وحصنا، وبنى مارستانا في الشام، فأنفق عليه مالا، وبنى بالموصل جامعا غرم عليه سبعين ألف دينار ثم أثنى عليه.
وقال: كان يتدين بطاعة الخلفاء، وترك المكوس قبل موته وبعث جنودا فتحوا مصر. وكان يميل إلى التواضع، ومحبة العلماء والصلحاء، وكاتبني مرارا. وأحلف الأمراء على طاعة ولده بعده، وعاهد ملوك الفرنج، وصاحب طرابلس، وقد كان في قبضته أسيرا، على أن يطلقه بثلاثمائة دينار، وخمسمائة حصان، وخمسمائة زردية، ومثلها تراس إفرنجية، ومثلها قنطوريات، وخمسمائة أسير مسلمين، وبأنه لا يغير على بلاد المسلمين سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام. وأخذ منه في قبضته على الوفاء بذلك مائة من أولاد الفرنج وبطارقيهم، فإن نكث أراق دماءهم. وعزم على فتح بيت المقدس، فتوفي في شوال. وكانت ولايته ثمانيا وعشرين سنة.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان نور الدين لم ينشف له لبد من الجهاد، وكان يأكل من عمل يده، ينسخ تارة، ويعمل أعلافا تارة، ويلبس الصوف، ويلازم السجادة والمصحف، وعمر المدارس، وعمر المارستان بدمشق للمهذب ابن النقاش تلميذ أوحد الزمان.
وكان حنفيا، ويراعي مذهب الشافعي، ومالك. وكان ولده الصالح أحسن أهل زمانه صورة.
(٣٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 380 ... » »»