تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٠ - الصفحة ٤٠٨
فكانوا يحملونه ويحمونه بما كان يلقي إليهم من شبه البدع والشرع. وفي حين عودي من الرحلة ألفيت حضرتي منهم طافحة، ونار ضلالهم لافحة، فقاسيتهم مع غير أقران، وفي عدم أنصار إلى حساد يطأون عقبي، تارة تذهب لهم نفسي، وأخرى ينكسر لهم ضرسي وأنا ما بين إعراض عنهم، أو تشغيب بهم. وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه نكل الإسلام، فيه دواهي، فجردت عليه نواهي. وجاءني آخر برسالة في اعتقاد، فنقضتها برسالة الغرة. والأمر أفحش من أن ينقض. يقولون : لا قول إلا ما قال الله. فإن الله لم يأمر بالاقتداء بأحد، ولا بالاهتداء بهدي بشر فيجب أن تتحقق أنه ليس بهم دليل، إنما هي سخافة في تهويل. فأوصيكم بوصيتين: أن لا تستدلوا عليهم، وأن تطالبوهم بالدليل. فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب عليك، وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلا.
فأما قولهم: لا قول إلا ما قال الله: فحق، ولكن أرني ما قال الله. وأما قولهم: لا حكم إلا لله فغير مسلم على الإطلاق، بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره فيما قاله وأخبر به. صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وإذا حاصرت أهل حصن فلا تنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك.
وصح أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء.. الحديث.
قال اليسع بن حزم الغافقي، وذكر أبا محمد بن حزم فقال: أما محفوظه
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»