تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٢٥ - الصفحة ١٥
فخرجت، فإذا الناس يهرعون، إلى أن أتينا دار أبي طاهر سليمان القرمطي، فإذا بغلام حسن الوجه، دري اللون، خفيف العارضين، له نحو عشرين سنة، وعليه عمامة صفراء تعميم العجم، وعليه ثوب أصفر، وفي وسطه منديل وهو راكب فرسا شهبا، والناس قيام، وأبو طاهر القرمطي وإخوته حوله. فصاح أبو طاهر بأعلى صوته: يا معشر الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أبو طاهر سليمان بن الحسن. اعلموا أنا كنا وإياكم حمير، وقد من الله علينا بهذا، وأشار إلى الغلام هذا ربي وربكم، وإلهي وإلهكم، وكلنا عباده والأمر إليه، وهو يملكنا كلنا. ثم أخذ هو والجماعة التراب، ووضعوه على رؤوسهم ثم قال أبو طاهر: اعلموا يا معشر الناس، إن الدين قد ظهر، وهو دين أبينا آدم، وكل دين كنا عليه فهو باطل. وجميع ما توصلت به الدعاة إليكم فهو باطل وزور من ذكر موسى، وعيسى، ومحمد. إنما الدين دين آدم الأول، وهؤلاء كلهم دجالون محتالون فالعنوهم. فلعنهم الناس. وكان أبو الفضل المجوسي، يعني الغلام الأمرد، قد سن لهم اللواط ونكاح الأخوات، وأمر بقتل الأمرد الممتنع. وكان أبو طاهر يطوف هو والناس عراة به ويقولون: إلهنا عز وجل. قال ابن حمدان الطبيب: أخلت على أبي الفضل فوجدت بين يديه أطباقا عليها رؤوس جماعة، فسجدت له كعادتهم والناس حوله قيام وفيهم أبو طاهر، فقال لأبي طاهر: إن الملوك لم تزل تعد الرؤوس في خزائنها فسلوه، وأشار إلي، كيف الحيلة في بقائها بغير تغيير فسألني أبو طاهر فقلت: إلهنا أعلم، ويعلم أن هذا الأمر ما علمته. ولكن أقول على التقدير إن جملة الإنسان إذا يحتاج إلى كذا وكذا صبر وكافور. والرأس جزء من الإنسان، فيؤخذ بحسابه. فقال أبو الفضل: ما أحسن ما قال. قال ابن حمدان: وما زلت أسمع الناس تلك الأيام يلعنون إبراهيم،
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»