تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١٤ - الصفحة ٤٧٣
فناله بعقب هذا صرع. فكان يصرع في اليوم مرات حتى مات، ولم يبلغ رمضانا آخر. وقال محمد بن عباد المهلبي: كان المأمون قد أهل أخاه أبا عيسى للخلافة بعده. وكان يقول: ما أجزع من قرب المنية حق الجزع بلوغ أبي عيسى ما لعله يشتهيه. وكان أبو عيسى ممن لم ير قط أجمل منه، فمات. فدخلت للتعزية، فنبذت عمامتي وجعلتها ورائي، لأن الخلفاء لا تعزى في العمائم، فقال المأمون: يا محمد حال القدر دون الوطر، وألوت المنية بالأمنية. وكان المأمون يعرفني ما له عنده وعزمه فيه، فقلت: يا أمير المؤمنين كل مصيبة أخطأتك تهون، فجعل الله الحزن لك لا عليك. قال صاحب الأغاني أبو الفرج: حدثني ابن أبي سعد الوراق: حدثني محمد بن عبد الله بن طاهر: حدثني أبي قال: قال أحمد بن أبي داود: دخلت على المأمون في أول صحبتي إياه، وقد توفي أخوه أبو عيسى، وكان له محبا، وهو يبكي ويتمثل.
* سأبكيك ما فاضت دموعي فإن تغض * فحسبك مني ما تحن الجوانح * * كأن لم يمت حي سواك ولم تقم * على أحد إلا عليك النوائح * وقال عريب:
* كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر * وليس لعين لم يفض ماؤها عذر *
(٤٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 465 466 467 468 469 470 471 472 473 474 475 » »»