تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ١ - الصفحة ١٤٨
فضرب سعد رجلا من المشركين بلحي بعير فشجه فكان أول دم في الإسلام فلما بادي رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه وصدع بالإسلام لم يبعد منه قومه ولم يردوا عليه - فيما بلغني - حتى عاب آلهتهم فأعظموه وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته فحدب عليه عمه أبو طالب ومنعه وقام دونه فلما رأت قريش أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه ورأوا أن عمه يمنعه مشوا إلى أبي طالب فكلموه وقالوا: إما أن تكفه عن آلهتنا وعن الكلام في ديننا وإما أن تخلي بيننا وبينه فقال لهم قولا رفيقا وردهم ردا جميلا فانصرفوا.
ثم بعد ذلك تباعد الرجال وتضاغنوا أكثرت قريش ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحض بعضهم بعضا عليه ومشوا إلى أبي طالب مرة أخرى فقالوا:
إن لك نسبا وشرفا فينا وإنا استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه وإنا والله ما نصبر على شتم آلهتنا وتسفيه أحلامنا حتى تكفه أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين ثم انصرفوا عنه فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوته لهم ولم يطب نفسا أن يسلم رسول الله لهم ولا أن يخذله.
وقال يونس بن بكير عن طلحة بن يحيى بن عبيد الله عن موسى بن طلحة قال: أخبرني عقيل بن أبي طالب قال: جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: إن ابن أخيك هذا قد آذانا في نادينا ومسجدنا فانهه عنا فقال:
يا عقيل انطلق فائتني بمحمد فانطلقت إليه فاستخرجته من حفش أو
(١٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 ... » »»