فعذر رافعا في إلزامه بالصلح واستصوب فعل حمويه وبقي نصر وإسماعيل مدة ثم عادت السعاة ففسد ما بينهما حتى تحاربا سنة خمس وسبعين ومائتين فظفر إسماعيل بأخيه نصر فلما حمل إليه ترجل له إسماعيل وقبل يديه ورده من موضعه إلى سمرقند وتصرف على النيابة عنه ببخارى.
وكان إسماعيل خيرا يحب أهل العلم والدين ويكرمهم وببركتهم دام ملكه وملك أولاده وطالت أيامهم.
حكى أبو الفضل محمد بن عبد الله البلغمي قال سمعت الأمير أبا إبراهيم إسماعيل بن أحمد يقول كنت بسمرقند فجلست يوما للمظالم وجلس أخي إسحاق إلى جانبي فدخل أبو عبد الله محمد بن نصر الفقيه الشافعي فقمت له إجلالا لعلمه ودينه، فلما خرج عاتبني أخي إسحاق وقال أنت أمير خراسان يدخل عليك رجل من رعيتك فتقوم له فتذهب السياسة بهذا.
قال: فبت تلك الليلة فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وكأني واقف وأخي إسحاق فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بعضدي فقال لي يا إسماعيل تبث ملكك وملك بيتك لإجلالك لمحمد بن نصر ثم التفت إلى إسحاق وقال ذهب ملك إسحاق وملك بيته باستخفافه بمحمد بن نصر.
وكان هذا محمد بن نصر من العلماء بالفقه على مذهب الشافعي العاملين بعلمهم المصنفين فيه وسافر إلى البلاد في طلب العلم وأخذ العلم بمصر من أصحاب الشافعي يونس بن عبد الأعلى والربيع بن سليمان ومحمد بن عبد الله بن الحكم وصحب الحرث المحاسبي وأخذ عنه علم المعاملة وبرز فيه أيضا.