وفي سنة ثمان ومائتين مقل إلى زيادة الله أن منصور بن نصير الطنبذي يريد المخالفة عليه بتونس وهو يسعى في ذلك ويكاتب الجند فلما تحققه سير إليه قائدا اسمه محمد بن حمزة في ثلاثمائة فارس وأمره أن يخفى خبره ويجد السير إلى تونس فلا يشعر به منصور حتى يأخذه فيحمله إليه.
فسار محمد ودخل تونس فلم يجد منصورا بها كان قد توجه إلى قصره بطنبذة فأرسل إليه محمد قاضي تونس ومعه أربعون شيخا يقبحون له الخلاف وينهونه عنه ويأمرونه بالطاعة فساروا إليه واجتمعوا به وذكروا له ذلك فقال منصور ما خالفت طاعة الأمير وأنا سائر معكم إلى محمد ومن معه إلى الأمير ولكن أقيموا معي يومنا هذا حتى معمل له ولمن معه ضيافة.
فأقاموا عنده وسير منصور لمحمد ولمن معه الإقامة الحسنة الكثيرة من الغنم والبقر وغير ذلك من أنواع ما يؤكل فكتب إليه يقول إنني صائر إليك مع القاضي والجماعة فركن محمد إلى ذلك وأمر بالغنم فذبحت وأكل هو ومن معه وشربوا الخمر.
فلما أمسى منصور سجن القاضي ومن معه وسار مجدا فيمن عنده من أصحابه سرا إلى تونس فدخلوا دار الصناعة وفيها محمد وأصحابه فأمر بالطبول فضربت وكبر هو وأصحابه فوثب محمد وأصحابه إلى سلاحهم وقد عمل فيه الشراب وأحاط بهم منصور ومن معه وأقبلت العامة من كل مكان فرجموهم بالحجارة واقتتلوا عامة الليل فقتل من كان مع محمد ولم يسلم منهم إلا من نجا إلى البحر فسبح حتى تخلص وذلك في صفر.