وشرع في الاستعداد لذلك وواعدهم يوما ذكره وقرر معهم أنهم يدخلون من باب ويخرجون من آخر ليقل الزحام ففعلوا ذلك.
فلما كان اليوم المذكور أتاه الناس أفواجا فكان كلما دخل فوج أخذوا وحملوا إلى جماعة من الجند على حفرة كبيرة في ذلك القصر فضربت رقابهم عليها فلما تعالى النهار أتى بعضهم فلم ير أحدا فقال أين الناس فقيل إنهم يدخلون من هذا الباب ويخرجون من الباب الآخر فقال ما لقيني منهم أحد وعلم الحال وصاح وأعلم الناس هلاك أصحابهم فكان سبب نجاة من بقي منهم فذلت رقابهم بعدها وحسنت طاعتهم بقية أيام الحكم وأيام ولده عبد الرحمن ثم انجبرت مصيبتهم وكثروا فلما هلك عبد الرحمن وولي ابنه محمد عاجلوه بالخلع على ما نذكره.
ذكر عصيان أهل ماردة على الحكم وما فعله باهل قرطبة وفيها عصى أصبغ بن عبد الله ووافقه أهل مدينة ماردة من الأندلس على الحكم وأخرجوا عامله واتصل الخبر بالحكم فسار إليها وحاصرها فبينما هو مجد في الحصار أتاه الخبر عن أهل قرطبة أنهم أعلنوا بالعصيان له فرجع مبادرا فوصل إلى قرطبة في ثلاثة أيام وكشف عن الذين أثاروا الفتنة فصلبهم منكسين وضرب أعناق جماعة فارتدع الباقون بذلك واشتدت كراهيتهم له.