وتكلم عمرو بن سعيد الأشدق بنحو من ذلك ثم قام يزيد بن المقنع العذري فقال هذا أمير المؤمنين وأشار إلى معاوية فإن هلك فهذا وأشار إلى يزيد ومن أبي فهذا وأشار إلى سيفه فقال معاوية اجلس فأنت سيد الخطباء. وتكلم من حضر من الوفود.
فقال معاوية للأحنف ما تقول يا أبا بحر فقال نخافكم إن صدقنا ونخاف الله إن كذبنا وأنت يا أمير المؤمنين أعلم بيزيد في ليله ونهاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه فإن كنت تعلمه لله تعالى وللأمة رضا فلا تشاور فيه وإن كنت تعلم فيه غير ذلك فلا تزوده الدنيا وأنت صائر إلى الآخرة وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا وقام رجل من أهل الشام فقال ما ندري ما تقول هذه المعدية العراقية وإنما عندنا سمع وطاعة وضرب وازدلاف.
فتفرق الناس يحكون قول الأحنف وكان معاوية يعطي المقارب ويداري المباعد ويلطف به حتى استوثق له أكثر الناس وبايعه فلما بايعه أهل العراق والشام سار إلى الحجاز في ألف فارس فلما دنا من المدينة لقيه الحسين بن علي أول الناس فلما نظر إليه قال لا مرحبا ولا أهلا بدنة يترقرق دمها والله مهريقه قال مهلا فإني والله لست بأهل لهذه المقالة قال بلي ولشر منها ولقيه ابن الزبير فقال لا مرحبا ولا أهلا خب ضب تلعة يدخل رأسه ويضرب بذنبه ويوشك والله أن يؤخذ بذنبه ويدق ظهره نحياه عني فضرب وجه راحلته. ثم لقيه عبد الرحمن بن أبي بكر فقال له معاوية لا أهلا ولا مرحبا شيخ قد خرف وقد ذهب عقله ثم أمر فضرب وجه راحلته ثم فعل بابن عمر نحو ذلك فأقبلوا معه لا يتلفت إليهم حتى دخل المدينة فحضروا بابه فلم يؤذن لهم علي منازلهم ولم يروا منه ما يحبون فخرجوا إلى مكة فأقاموا بها وخطب معاوية بالمدينة فذكر يزيد فمدحه وقال من أحق