فأخبروه فقال لهم: إنما هي حرارة يجدها في نفسه وكأنها طفئت، وعاد مالك إلى بيته ولم يأت معاوية فلما كان الليل أرسل إليه معاوية بمائة ألف درهم وقال: ما منعني أن أشفعك إلا خوفا أن يعيدوا لنا حربا فيكون في ذلك من البلاء علي المسلمين ما هو أعظم من قتل حجر. فأخذها وطابت نفسه.
ولما بلغ خبر حجر عائشة أرسلت عبد الرحمن بن الحارث إلى معاوية فيه وفي أصحابه فقدم عليه وقد قتلهم فقال له عبد الرحمن: أين غاب عنك حلم أبي سفيان؟ قال: حين غاب عني مثلك من حلماء قومي وحملني ابن سمية فاحتملت.
وقالت عائشة: لولا أنا لم نغير شيئا إلا صارت بنا الأمور إلى ما هو أشد منه لغيرنا قتل حجر أما والله إن كان ما علمت لمسلما حجاجا معتمرا.
وقال الحسن البصري: أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة انتزاؤه علي هذه الأمة بالسيف حتى أخذ الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة واستخلافه بعده ابنه سكيرا خميرا يلبس الحرير ويضرب بالطنابير وادعاؤه زيادا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر!
وقتله حجرا كان الناس يقولون أول ذل دخل الكوفة موت الحسن بن علي، وقتل حجر، ودعوة زياد، وقالت هند بنت زيد الأنصارية ترثي حجرا وكانت تتشيع:
(ترفع أيها القمر المنير * تبصر هل تري حجرا يسير)