وكتب زياد إلى عائشة من زياد بن أبي سفيان وهو يريد أن تكتب له إلى زياد بن أبي سفيان فيحتج بذلك فكتبت من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد وعظم ذلك علي المسلمين عامة وعلي بني أمية خاصة وجري أقاصيص يطول بذكرها الكتاب فأضربنا عنها.
ومن اعتذر لمعاوية قال إنما استلحق معاوية زيادا لأن أنكحة الجاهلية كانت أنواعا لا حاجة إلى ذكر جميعها وكان منها أن الجماعة يجامعون البغي فإذا حملت وولدت ألحقت الولد بمن شاءت منهم فليلحقه فلما جاء الإسلام حرم هذا النكاح إلا أنه أقر كل ولد كان ينسب إلى أب من أي نكاح كان من أنكحتهم علي نسبه ولم يفرق بين شيء منها فتوهم معاوية أن ذلك جائز له ولم يفرق بين استلحاق في الجاهلية والإسلام، وهذا مردود لاتفاق المسلمين علي إنكاره ولأنه لم يستلحق أحد في الإسلام مثله ليكون به حجة.
وقيل أراد زياد أن يحج بعد أن استلحقه معاوية فسمع أخوه أبو بكرة وكان مهاجرا له من حين خالفه في الشهادة بالزنا علي المغيرة بن شعبة فلما سمع بحجه جاء إلى بيته وأخذ ابنا له وقال له يا بني قل لأبيك إنني سمعت أنك تريد الحج ولا بد من قدومك إلى المدينة ولا شك أن تطلب الاجتماع بأم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي وإن منعتك فأعظم به فضيحة في الدنيا وتكذيبا لأعدائك فترك زياد الحج وقال جزاك الله خيرا فقد أبلغت في النصح.