الحسن إلى قيس بن سعد وهو علي مقدمته في اثني عشر ألفا يأمره بالدخول في طاعة معاوية فقام قيس في الناس فقال أيها الناس اختاروا الدخول في طاعة إمام ضلالة أو القتال مع غير إمام فقال بعضهم بل نختار الدخول في طاعة إمام ضلالة فبايعوا معاوية أيضا فانصرف قيس فيمن تبعه علي ما نذكره.
ولما دخل معاوية الكوفة قال له عمرو بن العاص ليأمر الحسن أن يقوم فيخطب الناس ليظهر لهم عيه فخطب معاوية الناس ثم أمر الحسن أن يخطبهم فقام فحمد الله بديهة ثم قال أيها الناس إن الله قد هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا وإن لهذه الأمر مدة والدنيا دول وإن الله عز وجل قال لنبيه (وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين) فلما قاله قال له معاوية اجلس وحقدها علي عمرو وقال هذا من رأيك.
ولحق الحسن بالمدينة وأهل بيته وحشمهم وجعل الناس يبكون عند مسيرهم من الكوفة.
قيل للحسن ما حملك علي ما فعلت فقال كرهت الدنيا ورأيت أهل الكوفة قوما لا يثق بهم أحد أبدا إلا غلب ليس أحد منهم يوافق في رأي ولا هواء مختلفين لا نية لهم في خير ولا شر لقد لقي أبي منهم أمورا عظاما فليت شعري لمن يصلحون بعدي وهي أسرع البلاد خربا!
ولما سار الحسن من الكوفة عرض له رجل فقال له يا مسود وجوه المسلمين فقال لا تعذلني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في المنام بني أمية ينزون علي منبره رجلا فرجلا فساءه ذلك فأنزل الله عز وجل (إنا أعطيناك الكوثر) وهو نهر في الجنة (وإنا أنزلناه في ليلة القدر) إلى قوله تعالى (خير من ألف شهر) يملكها بعدك بنو أمية!