وقال أما والله لكأني بك وقد نفرت مع هذه الخوارج فقتلت وكأني بك وقد وطئتك الخيل بحوافرها فقتل يوم النهر مع خوارج البصرة.
وأما خوارج البصرة فإنهم اجتمعوا في خمسمائة رجل وجعلوا عليهم مسعر بن فدكي التميمي فعلم بهم ابن عباس فاتبعهم أبا الأسود الدؤلي فلحقهم بالجسر الأكبر فتوافقوا حتى حجز بينهم الليل وأدلج مسعر بأصحابه وأقبل يعترض الناس وعلي مقدمته الأشرس بن عوف الشيباني وسار حتى لحق بعبد الله بن وهب بالنهر.
فلما خرجت الخوارج وهرب أبو موسى إلى مكة ورد علي بن عباس إلى البصرة قام في الكوفة فخطبهم فقال الحمد لله وإن أتي الدهر بالخطب الفادح والحدثان الجليل وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أما بعد فإن المعصية تورث الحسرة وتعقب الندم وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين وفي هذه الحكومة أمري ونحلتكم أمري لو كان لقصير ولكن أبيتم إلا ما أردتم فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن:
(أمرتهم أمري بمنعرج اللوي * فلم يستبينوا الرشد إلا ضحي الغد) ألا إن هذا الرجلين اللذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما وأحييا ما أمات القرآن واتبع كل واحد منهما هواه بغير هدي من الله فحكما بغير حجة بينة ولا سنة ماضية واختلفا في حكمهما وكلاهما لم يرشد فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين استعدوا وتأهبوا للمسير إلى الشام وأصبحوا في معسكرهم إن شاء الله يوم الاثنين.
ثم نزل وكتب إلى الخوارج بالنهر بسم الله الرحمن الرحيم من عبد