أن صاحبك الأسود كان أحب إليك أن يملك من صاحبي النعمان فلا تلمني على شيء كنت على مثله وإني أحب أن لا تحقد علي وإن نصيبي من هذا الأمر ليس بأوفر من نصيبك وحلف لابن مرينا أن لا يهجوه ولا يبغيه غائلة أبدا فقام ابن مرينا وحلف أنه لا يزال يهجوه ويبغيه الغوائل. وسار النعمان حتى نزل الحيرة وقال ابن مرينا للأسود إذا فاتك الملك فلا تعجز أن تطلب بثأرك من عدي فإن معدا لا ينام مكرها وأمرتك بمعصية فخالفتني وأريد أن لا يأتيك من مالك شيء إلا عرضته علي ففعل.
وكان ابن مرينا كثير المال وكان لا يخلى النعمان يوما من هدية وطرفة فصار من أكرم الناس عليه وكان إذا ذكر عدي بن زيد وصفه وقال ألا إنه فيه مكر وخديعة واستمال أصحاب النعمان فمالوا إليه ووضعهم على أن قالوا للنعمان إن عدي بن زيد يقول إنك عامله ولم يزالوا بالنعمان حتى أضغنوه عليه فأرسل إلى عدي يستزيره فأستأذن عدي كسرى في ذلك فأذن له فلما أتاه لم ينظر إليه حتى حبسه ومنع من الدخول عليه فجعل عدي يقول الشعر وهو في السجن وبلغ النعمان قوله فندم على حبسه إياه وخاف منه إذا أطلقه.
فكتب عدي إلى أخيه أبي أبياتا يعلمه بحاله فلما قرأ أبياته وكتابه كلم كسرى فيه فكتب إلى النعمان وأرسل رجلا في إطلاق عدي وتقدم أخو عدي إلى الرسول بالدخول إلى عدي قبل النعمان ففعل ودخل على عدي وأعلمه أنه أرسل لإطلاقه.
فقال له عدي لا تخرج من عندي وأعطني الكتاب حتى أرسله فإنك إن خرجت من عندي قتلتني فلم يفعل ودخل أعداء عدي على النعمان فأعلموه الحال وخوفوه من إطلاقه فأرسلهم إليه فخنقوه ثم دفنوه.