سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٢٢
أولها ناحية الجنوب جبل أبي قبيس الذي تقع الصفا على سفحه وتبدو على هذا السفح درجات كبيرة من الحجارة المستوية التي يصعد الحجاج عليها ويدعون ربهم والمروة في نهاية السوق شمالي الجبل وهي أقل ارتفاعا في وسط مكة وقد شيدت عليها منازل كثيرة وما يسمى السعي بين الصفا والمروة هو المسعى في هذه السوق من أولها لآخرها ويجد من يرغب العمرة وهو آت من بعيد أبراجا ومساجد على مسافة نصف فرسخ حول مكة فيحرم منها للعمرة والإحرام هو نزع الملابس المخيطة من على الجسد وشد المحرم وسطه بإزار ولف جسده بإزار أو وشاح آخر وصياحه بصوت عال أن لبيك اللهم لبيك ثم يسير نحو مكة فإذا أراد حاج أن يعتمر وهو بمكة فإنه يذهب إلى تلك الأبراج ويرتدي ثوب الإحرام ويهتف لبيك ويدخل مكة بنية العمرة فحين يبلغ مكة يدخل المسجد الحرام ويسير نحو الكعبة ثم يطوف ناحية اليمين بحيث تكون هذه على يساره ويتوجه إلى الركن الذي به الحجر الأسود فيقبله ثم يمضي ويستمر في الطواف حتى يعود إلى الحجر الأسود مرة أخرى فيقبله وبهذا يكون قد أتم طوفة واحدة وعلى هذا النحو يطوف سبع مرات ثلاثا منها بسرعة وأربعا على مهل وبعد إتمام الطواف يتوجه نحو مقام إبراهيم عليه السلام وهو أمام الكعبة فيقف خلفه بحيث يكون المقام بينه وبين الكعبة وهناك يصلي ركعتين هما صلاة الطواف ثم يذهب إلى حيث بئر زمزم فيشرب من مائها أو يمسح بها وجهه ثم يخرج من المسجد الحرام من باب الصفا الذي سمي كذلك لأن جبل الصفا يقع خارجه فيصعد على عتبات الصفا موليا وجهه شطر مكة ويدعو بالدعاء المعلوم ثم ينزل ويتجه ناحية المروة مارا بالسوق التي يسير فيها من الجنوب إلى الشمال وعليه أن ينظر إلى أبواب الحرام حين يمر بها وأن يحث الخطى في المسافة التي سعاها الرسول عليه الصلاة والسلام مسرعا والتي أمر الناس باجتيازها مسرعين وهي خمسون خطوة وعلى طرفي هذا الموضع (الذي يسار فيه بسرعة) أربع منارات على الجانبين فإذا بلغ الحاج الآتي من
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»