سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٥٩
إنها لهذا الوزير فسألهم هل تعرفون أبا الفتح عبد الجليل فقالوا إنه كان معنا ثم اقترب منا خادم وسألنا من أين أتيتم فقلنا من الحج قال إن لسيدي أبي الفتح عبد الجليل أخوين ذهبا للحج منذ سنوات وهو دائم الشوق إليهما وكلما سأل عنهما أحد لا يدله قال أخي إنا نحمل من ناصر كتابا فحين يصل سيدك نسلمه إياه وبعد قليل سارت القافلة وسرنا معها فقال هذا الخادم إن سيدي يصل الآن فإذا لم يجدكما يضيق صدره فإذا أعطيتماني الكتاب لأسلمه له يسر به فقال له أخي أتريد خطاب ناصر أم ناصرا نفسه هذا هو ناصر ففرح الخادم ولم يعرف ماذا يفعل وسرنا نحن إلى بلخ عن طريق ميان روستا وقد جاء أخي الخواجة أبو الفتح عبد الجليل إلى دسنكرد عن طريق الصحراء وكان ذاهبا مع الوزير إلى أمير خراسان فلما سمع بأمرنا عاد من دستكرد وانتظرنا على رأس قنطرة جموكيان إلى أن وصلنا وكان هذا في يوم السبت السادس والعشرين من جمادى الآخر سنة أربع وأربعين وأربعمائة (26 أكتوبر 1052) وقد التقينا وفرحنا باللقاء وشكرنا الله سبحانه وتعالى وذلك بعد أن فقدنا الأمل في اللقاء وبعد أن تعرضنا للتهلكة مرات حتى يئسنا من الحياة وفي هذا التاريخ نفسه بلغنا بلخ فقلت هذه الأبيات الثلاثة في هذا المقام * فإن يكن تعب الدنيا وعناءها طويلين فشرها وخيرها لا محالة منتهيان * إن الفلك يتحرك من أجلنا ليل نهار وكلما راح منا واحد تلاه آخر * إنا نروح ونغدو في الحياة إلى أن تحين الروحة التي لا عودة منها * وتبلغ المسافة التي قطعناها من بلخ إلى مصر ومن مصر إلى مكة ومنها إلى فارس عن طريق البصرة ثم إلى بلخ عدا الأطراف التي زرناها في الطريق ألفين ومائتين وعشرين فرسخا
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 » »»