الجوهرة في نسب الإمام علي وآله - البري - الصفحة ٨١
لم أر كالجنة نام طالبها، ولا كالنار نام هاربها. فتزودوا في الدنيا ما تحوزون به أنفسكم في الآخرة، واعلموا خيرا تحزوا به خيرا يوم يفوز بالخير من يقدمه).
وكتب رضي الله عنه إلى عثمان بن حنيف الأنصاري الأوسي حين استعمله على البصرة:
(أما بعد، فقد بلغني أن بعض قطان البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت. وكرت عليكم الجفان، فكرعت، فأكلت أكل يتيم نهم، أو ضبع قرم (١). وما خلتك تأكل طعام قوم عائلهم مجفو، وغنيهم مدعو. واعملوا أن إمامكم قد اكتفى بطمرته (٢)، يسد فورة جوعه بقرصته، ولا يطعم الفلدة إلا في سنة أضحيته.
ولن تقدروا على ذلك، فأعينوني بورع واجتهاد. فمتاع الدنيا صائر إلى نفاد. والله ما ادخرت من دنياكم تبرا، ولا أخذت من أقطارها شبرا. وإن قوتي فيها لبعض قوت أتان دبرة، ولهي عندي أهون من عصفة مقرة (٣) ﴿تلك الدار الآخرة نجعلها للذين، لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، والعاقبة للمتقين﴾ (4). ولو شئت لاهتديت إلى هذا العسل المصفى ولباب البر المربى حين ينضجه وقوده. هيهات أن يغرني معقوده. ولعل يتيما في المدينة يتضور من سغبه، أبيت مبطانا، وحولي بطون غرثى (5)؟ إذا يخصمني في القيمة دهم (6) من ذكر وأنثى، وكان

(١) ضبغ قرم: مشتاق إلى اللحم.
(٢) الطمر: الثوب البالي.
(٣) مقرة: كاسرة. مقر عنقه: ضربها بالعصا حتى تكسر العظم.
(٤) سورة القصص: ٢٨ / الآية: 83 (5) غرثى: جائعة (6) الرهم: العدد الكثير.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»
الفهرست