عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٨١
الموفق بن شوعة كان من أعيان العلماء وأفاضل الأطباء إسرائيلي مشهور بإتقان الصناعة وجودة المعرفة في علم الطب والكحل والجراح كان دمثا خفيف الروح كثير المجون وكان يشعر ويلعب بالقيثارة وخدم الملك الناصر صلاح الدين بالطب لما كان بمصر وعلت منزلته عنده وكان بدمشق فقيه صوفي صحب محمد بن يحيى وسكن خانقاه السميساطي كان يعرف بالخوبشاني ويلقب بالنجم وله معرفة بنجم الدين أيوب وبأخيه أسد الدين وكان الخوبشاني ثقيل الروح قشفا في العيش يابسا في الدين يأكل الدنيا بالناموس ولما صعد أسد الدين مصر تبعه ونزل بمسجد عند دار الوزارة يعرف اليوم بمسجد الخوبشاني وكان يثلب أهل القصر ويجعل تسبيحه سبهم وكان سلطا ومتى رأى ذميما راكبا قصد قتله فكانوا يتحامونه ولما كان في بعض الأيام رأى ابن شوعة وهو راكب فرماه بحجر أصاب عينه فقلعها وتوفي ابن شوعة بالقاهرة في سنة تسع وسبعين وخمسمائة ومن شعر الموفق بن شوعة أنشدني القاضي نفيس الدين بن الزبير قال أنشدني الموفق بن شوعة لنفسه فمن ذلك قال في النجم الخوبشاني لما قلع عينه (لا تعجبوا من شعاع الشمس إذ حسرت * منه العيون وهذا الشأن مشهور) (بل أعجبوا كيف أعمى مقلتي نظري * للنجم وهو ضئيل الشخص مستور) البسيط وأنشدني أيضا قال أنشدني المذكور لنفسه يهجو ابن جميع اليهودي (يا أيها المدعي طبا وهندسة * أوضحت يا ابن جميع واضح الزور) (إن كنت بالطب ذا علم فلم عجزت * قواك عن طب داء فيك مستور) (تحتاج فيه طبيبا ذا معالجة * بمبضع طوله شبران مطرور) (هذا ولا تشتفي منه فقل وأجب * عن ذا السؤال بتمييز وتفكير) (ما هندسي له شكل تهيم به * وليس ترغب فيه غير منشور) (مجسم اسطواني على أكر * تألفت بين مخروط وتدوير) (000 ألا نصف زاوية * 000 فهو كمثل الحبل في البير) البسيط وقال أيضا (وروضة جادها صوب الربيع فقد * جادت علينا بوشي لم تحكه يد) (كأن أصغرها الزاهي وأبيضها * تبر وورق بكف الريح تنتقد)
(٥٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 ... » »»